مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٥٩
زمن الاتصال الثقافي.
2 - اختلاف طبيعة النحو العربي عن النحو اليوناني، يقول الدكتور إبراهيم السامرائي في مجال عدم تأثر النحو العربي اليوناني: "... ولقد فاته أن اليونانية تختلف نحوا وطبيعة عن العربية، ولم يكن واضع النحو عارفا أو متأثرا باليونانية بأي وجه من الوجوه " (64) وفيه إشارة لكلا المناقشتين، كما أشار إليهما أيضا فؤاد حنا ترزي في بحثه عن " اللغة " التي اكتسب العرب منها نحوهم: " ومن الواضح أن هذه اللغة لا يمكن أن تكون السنسكريتية الهندية أو الفارسية لاختلاف نحوهما عن نحو العربية لعدم انتمائها إلى الفصيلة السامية، كما لا يمكن أن تكون اليونانية للسبب ذاته، ولأن وضع النحو العربي أسبق في الزمن من احتكاك العرب الوثيق بعلوم اليونان وفلسفتهم " (65).
ونحن نلاحظ أن القائلين بتأثر النحو العربي بالنحو اليوناني إما بصورة مباشرة أو بوساطة النحو السرياني، على اعتبار أن النحو السرياني قد اكتسب نحوه من النحو اليوناني، والنحو العربي قد اكتسب نحوه من السريانية، فهو بالتالي قد اكتسب نحوه من النحو اليوناني، فهذه الفكرة نتيجة تقليد هؤلاء المحدثين للمستشرقين في أقوالهم، فإلى مثل هذا الرأي ذهب دي پور (66).
وفكرة الاكتساب لم يكن لها عند القدماء أثر، وإنما ابتدعها المستشرقون واتبعهم بعض المحدثين من العرب، وخاصة الكتاب المصريين كما يقول إبراهيم السامرائي (67)، ولعل هذا الرأي جزء من تلك الحملة المسعورة التي شنها الغرب على السامية، والتي كان من أقطابها رينان، ولعل هدفها الرئيس هو الإسلام " فقد ذهب هؤلاء إلى أن العقلية العربية الإسلامية قد تأثرت في صورها المختلفة بالعقلية الإغريقية، وأول من أطلق هذه الأحكام هم المستشرقون، ومن بين هؤلاء

(64) دراسات في اللغة: 13.
(65) في أصول اللغة والنحو: 110.
(66) دراسات في اللغة: 14.
(67) دراسات في اللغة: 14.
(٥٩)
مفاتيح البحث: الإبداع، البدعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست