فكنا كما قال من قبلنا * أريها السها (76) وتريني القمر (77) ذلك أن الشعر كلام ذو وزن وقري (78)، وقافية وروي، أكثره تمويهات وتخاييل، وأكاذيب وأباطيل، ومن ثم سموه سحرا، وزعموا أن لكل شاعر جنيا، وأنه معه رئيا، وأن ذلك الجني يخطره بجنانه ويلقنه إياه ويلقيه على لسانه.
والخطب والرسائل لا يمس طنب القريض أطنابها، ولا تقرع يده أبوابها، والسورة أبعد شوطا منها في التميز، وأعلى فوقا في المباينة والتحيز، بديباجتها الخاصة وذوقها وندائها على أن لا منظوم بطوقها، وعلى أنها ليست من القريحة، المعتصر لها ثرى السجيحة (79)، المستعان فيه بالرؤية والفكر، المستملى من لسان الزكن (80) والحجر (81)، وأن مثلها معه مثل الحيوان الذي هو تسوية الله وتقديره، مع التماثيل التي هي نقش المصور وتصويره، عليها ضياء الجلالة الربانية، وسيمياء (82) الكتب السماوية، وأبهة المسطور في اللوح المنزل في اللوح (83) وآئين (84) الملقن منه وهو