ولقوله عليه الصلاة والسلام: (تمسحوا بالأرض) وجهان:
أحدهما: أن يكون المراد التيمم منها في حال الطهارة وحال الجنابة.
والوجه الآخر: أن يكون المراد مباشرة ترابها بالجباه في حال السجود عليها، وتعفر الوجوه فيها، ويكون هذا القول أمر تأديب لا أمر وجوب، لأن من سجد على جلدة الأرض ومن سجد على حائل بينها وبين الوجه واحد في إجزاء الصلاة، إلا أن مباشرتها بالسجود أفضل، وقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسجد على الحمرة - وهي الحصير الصغير يعمل من سعف النخل - فبان أن المراد بذلك فعل الأفضل لا فعل الأوجب " (36).
- 7 - في عدم بطلان الصلاة بترك الفاتحة قال: " ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج)... فكأنه عليه الصلاة والسلام قال: كل صلاة لا يقرأ فيها فهي نقصان، إلا أنها مع نقصانها مجزئة، وذلك كما تقول في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) إنما أراد به نفي الفضل لا نفي الأصل، فكأنه قال: لا صلاة كاملة أو فاضلة إلا في المسجد، وإن كانت مجزئة في غير المسجد، فنفى عليه الصلاة والسلام كمالها ولم ينف أصلها... " (37).
8 - في جواز انتظار الإمام للمأموم، وعدم بطلان الصلام بانتظاره لغير المأموم قال: " ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام - فيما رواه شداد بن الهاد - قال:
(سجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - سجدة أطال فيها. فقال الناس عند انقضاء الصلاة: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر. أو أنه أتاك وحي؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني هذا ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)، وكان الحسن أو الحسين - عليهما السلام - قد جاء النبي - عليه الصلاة والسلام، في سجدته فامتطى ظهره.