أكذوبتان حول الشريف الرضي السيد جعفر مرتضى العاملي الشريف الرضي هو ذلك الرجل العظيم، الذي يمتلك الشخصية الفذة، التي يعنو لها كل عظماء التاريخ الذين جاؤوا بعده بالإجلال والاكبار، وكانت ولا تزال تستأثر منهم، ومن كل مفكر ونيقد بأسمى آيات العظيم والتكريم، نحيث يجدون فيها كل الخصائص الإنسانية النبيلة، التي تملأ نفوسهم، وتنبهر بها عقولهم، وتعنو لها ضمائرهم...
ولعل من يسبر ثنايا التاريخ لا يكاد يعثر على أي مغمز أو هنات في شخصية هذا الرجل العملاق على الإطلاق، بل على العكس من ذلك تماما... فإنك مهما قرأت عن حياة هذا الرجل، فإنك لن تجد إلا آيات المدح والثناء، والمزيد من الاعجاب والاطراء، من محبيه ومناوئيه على حد سواء.
إلا أننا - مع ذلك - لا نستطيع أن نولي هذا التاريخ كل الثقة، ولا أن نمنحه كل الطمأنينة... فلعل... وعسى... وقد... ولربما.
فلما علينا إلا أن ندرس التاريخ ونصوصه دراسة مستوعبة وشاملة، من شأنها أن تقضي على كل أمل بالعثور على المزيد مما له مساس بهذه الشخصية أو بتلك، كما أن علينا أن نهتم بكل صغيرة وكبيرة، وأن لا نعتبر هذا تافها، وذاك ثمينا، إلا بعد البحث والتمحيص والتدقيق والمعاناة، فالتافه ما أثبت البحث تفاهته وكذبه وزوره، والثمين ما استمد قيمته من صدقه ومن واقعيته، وذلك هو ما يثبت أصالته وجدارته أيضا.
وبالنسبة للشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه كان الأمر من هذا القبيل، فرغم أن البحث المستقصى قد أثبت عظمته وجدارته، وأبان بما لا يقبل الشك عن نبله،