14 - في عدم وجوب النكاح قال: " ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لعثمان بن مظعون - رحمه الله - لما أراد الاختصاء والسياحة: (خصاء أمتي الصيام)، وهذا القول مجاز، لأنه عليه الصلاة والسلام أراد أن الصيام يميت الشهوات، ويشغل عن اللذات، كما أن الخصاء في الأكثر يكسر النزوة ويقطع الشهوة.
ومما يؤكد ذلك، الخبر الآخر المروي عنه عليه الصلاة والسلام قال: (من استطاع منكم الباه فليتزوج، ومن لم يستطعه فليصم، فإن الصوم وجاء) والوجاء: الخصاء.
وسمعت شيخنا أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي (47) - عفا الله عنه - يقول - في اثنا قراءتي عليه - وقد اعترض ذكر الخلاف في وجوب النكاح: يمكن الاستدلال بهذا الخبر على أن النكاح غير واجب خلافا لداود (48)، فإنه يقول: إنه واجب على الرجل مرة في عمره.
قال: وموضع الاستدلال منه، أنه عليه الصلاة والسلام نقل النكاح إلى الصوم، وجعل الصوم بدلا منه، والأبدال حكمها حكم المبدلات، فلو كان الأصل واجبا كان بدله كذلك، كالتيمم والماء وأبدال الكفارات مثلها، فلما كان الصوم الذي هو بدل من النكاح غير واجب، دل على أن المبدل أيضا - وهو النكاح - غير واجب " (49).
15 - الشهادة في النكاح قال: " لم يجز بعض الفقهاء شهادة النساء في عقود النكاح جملة، وقال: لا يصح النكاح إلا بشهادة الرجال دون النساء.
وهذه مسألة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، فإن الشافعي يذهب إلى القول الذي ذكرناه، وأبو حنيفة يخالفه في ذلك، ويجيز انعقاد النكاح بشهادة رجل وامرأتين،