لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٥٨
اسمه في وصف الجنة: " فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين " (1) وقوله سبحانه: " كلوا واشربوا ولا تسرفوا " (2) وقوله تعالى: " فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا، الآية " (3) وأشباهها من
____________________
وكان ارتفاع القتل حياة لهم، وقد فضلت هذه الجملة على أوجز ما كان عند العرب في هذا المعنى، وهو قولهم: القتل أنفى للقتل، بعشرين وجها أو أكثر، وقد أشار ابن الأثير إلى إنكار هذا التفضيل، وقال: لا تشبيه بين كلام الخالق وكلام المخلوق، وإنما العلماء يقدحون أذهانهم فيما يظهر لهم من ذلك. الأول: إن ما يناظره من كلامهم، وهو قولهم: القصاص حياة، أقل حروفا، فإن حروفه عشرة، وحروف: القتل أنفى للقتل أربعة عشر. الثاني: إن نفي القتل لا يستلزم الحياة، والآية ناصة في ثبوتها التي هي الغرض المطلوب منه.... الرابع: إن الآية فيه مطردة، بخلاف المثل، فإنه ليس كل قتل أنفى للقتل، بل قد يكون أدعى له وهو القتل ظلما، وإنما ينفيه قتل خاص، وهو القصاص، ففيه حياة أبدا. الخامس:
إن الآية خالية من تكرار لفظ القتل الواقع في المثل، والخالي من التكرار أفضل من المشتمل عليه وإن لم يكن مخلا بالفصاحة. السادس: إن الآية مستغنية عن تقدير محذوف، بخلاف قولهم، فإن فيه حذف من التي بعد أفضل التفضيل وما بعدها، وحذف قصاصا مع القتل الأول، وظلما مع القتل الثاني، والتقدير: القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما من تركه.... الثامن: إن الآية مشتملة على فن بديع، وهو جعل أحد الضدين الذي هو الفناء والموت محلا ومكانا لضده الذي هو الحياة، واستقرار الحياة في الموت مبالغة عظيمة، ذكره في الكشاف، وعبر عنه صاحب الايضاح بأنه جعل القصاص كالمنبع للحياة والمعدن لها بإدخال في عليه.... الخامس عشر: إن لفظ القصاص مشعر بالمساواة، فهو منبئ عن العدل، بخلاف مطلق القتل....
السابع عشر: إن المثل لا يكاد يفهم إلا بعد فهم أن القصاص هو الحياة، وقوله: في القصاص حياة، مفهوم من أول وهلة.... التاسع عشر إن أفعل في الغالب يقتضي الاشتراك، فيكون ترك القصاص نافيا للقتل، ولكن القصاص أكثر نفيا، وليس الأمر كذلك، والآية سالمة من ذلك، العشرون إن الآية رادعة للقتل والجرح معا، لشمول القصاص لهما، والحياة أيضا في قصاص الأعضاء، لأن قطع العضو ينقص أو ينغص مصلحة الحياة، وقد يسري إلى النفس فيزيلها، ولا كذلك المثل. " الإتقان في علوم القرآن، جزء 2، ص 55 - 56 ".
1 - سورة الزخرف، آية 71.
2 - سورة الأعراف، آية 31.
3 - سورة العنكبوت، آية 40.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»