لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٩
ليس البلية في أيامنا عجبا * بل السلامة فيها أعجب العجب فلا بد أن يكون في إنشاء العالم وخلقه مرجح وغرض وفائدة مهمة يتدارك بها تلك المفاسد، وإلا لكان هذا ترجيحا بلا مرجح، بل من ترجيح المرجوح على الراجح، وهو قبيح، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، كما قال عز وجل: " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار " (1) يعني أن الذين يؤمنون بالله العلي الحكيم، ويعتقدون أنه يمتنع أن يكون فعل من أفعاله وصنع من صنائعه بلا حكمة ومصلحة، لا يقولون بأن خلقة العالم وقعت بلا غرض عقلائي وفائدة مهمة، بل ذلك ظن الذين لا يؤمنون به تعالى، ويعتقدون أن خلقة العالم وقعت على سبيل البخت والاتفاق، لا من صنع صانع حكيم.
وبعد وضوح ما ذكرناه نقول: إن ذلك الغرض والمصلحة لا يمكن أن يكون صرف الحياة الدنيوية، والتعيش المادي، والأكل والشرب، وأمثالها، والابتلاء بالآلام، والأسقام، والبلايا، والمصيبات، والمحن، بأن يخلق الله تعالى هذا العالم لأجل تلك الأمور المكررة الدنية الزائلة، ثم يسبب موجبات فنائه، ثم يخلق مثل ما خلق أولا، وهكذا إلى غير النهاية، كصانع صنع عدة من أواني صينية مرغوبة مشتملة على نقوش وصور، ثم صبغ الكل بعد مدة بصبغ ذهبت بطراوتها ونضارتها ثم كسر الكل، ثم اشتغل بمثل ما صنع أولا، وكان شأنه كذلك على الدوام، وهل يرضى من يعد في زمرة أولي الألباب، ويبالي بشأنه، أن ينسب إليه مثل ذلك العمل؟ كلا وحاشا، إن هذا العمل لا يصدر إلا عن السفهاء، والعقلاء منزهون عن هذا، فلا بد أن يكون الغرض

1 - سورة ص آية 27.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»