الجاهلية وتنمر طغاتها وفرض عبادة الأوثان بالقوة على القبائل والناس على حد سواء.
وفي وسط هذا الجو المظلم الذي اجتاحته هذه العاصفة الهوجاء، فأبدلت الدين السماوي، وملة إبراهيم الحنيف إلى عبادة الحجارة والأخشاب التي ينحتونها، لتكون لهم آلهة يعبدونها من دون الله الواحد، وهم يعلمون أنها لا تسمع ولا تعي، ولا تنفع ولا تضر.
في هذا الجو الحالك والغارق في ظلمات الجهل، من تلك الأكداس البشرية، المغمضة العين، المغفلة القلب، قد ارتفع منها بيت عريق بالإيمان والتوحيد المتمسك بالدين الحنيف الذي ما امتد إليه ظلام الشرك ولم تدنسه أوضار الجاهلية، وبقي فيه شعاع النور الذي أشعله الخليل إبراهيم (عليه السلام) لم تعصف به العواصف، ولم يجتاحه إعصار، إلا ما تناول من بعض أطرافه، فهو عميق الإيمان، لم يفارق الحنيفية البيضاء.