فتح أبو طالب عينيه، ودرج في الحياة، فرأى في هذا البيت حياة غير الحياة التي يراها بين الناس، ورأى في عميد البيت - أبيه عبد المطلب - رجلا ليس كالرجال.
ذلك الزعيم المطاع، يقول فينفذ القول، ويحكم فلا يرد له حكم، وهو الجواد المعطاء، والسخي الفذ، يطعم فينال من طعامه حتى راكب البعير وهو على بعيره، ومطعم طير السماء، وإنه مجاب الدعوة، يدعو الله فتلبى دعوته، فهو مرضي عنه في السماء، ومحمود في الأرض، وإنه يرى في أبيه صفات لم تكن في غيره، وهو الذي سن سننا ليست سوى الدليل على رفعة النفس، ونقاء السريرة، وعمق الإيمان، بحيث تنهض بالبرهان على بقاء الحنيفية، التي جاء بها أبوه إبراهيم الخليل (عليه السلام)، فإنه حرم الخمر على نفسه، وحرم نكاح المحارم، وحدد الطواف بالبيت سبعا، ونهى أن يطوف بالبيت عريان، ويقطع يد السارق، ويحرم الزنا وينهى عن الفحشاء وعن