شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٩٤
أدبر المسلمون ومنهم أبو بكر وعمر كان سبعة من بني هاشم يحيطون برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلي - عليه السلام - البطل المغوار يجندل من يتقدم إليه والعباس لازم بزمام فرسه وهو ينادي يا أهل بيعة الشجرة يهيب بالمسلمين للعودة. ولقد جرب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أبا بكر وعمر في هذه الواقعة وغيرها فهل يستطيع بعدها أن يعتمد عليهم ونراهم بعدها جنودا عاديين تحت إمارة الشاب الذي دون العشرين ذلك أسامة ابن زيد فأين من يذب عن أبي بكر ورأيه وشجاعته.
هذا إذا لاحظنا كيف أن الله في محكم كتابه يذم المدبرين ويوسمهم شر العذاب وكم أصابهم من الخذلان والخسارة قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) والآية 25 من سورة الرعد (واللذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) فقد أخذ الله الميثاق والعهود من المؤمنين أن لا يفروا واشترى منهم أنفسهم أن لهم الجنة فالفرار بنظر الإسلام خيانة كباقي نقض العهد. كما أخذ منهم العهد في غدير خم للبيعة إلى علي - عليه السلام - فنقضوا بيعته كما سيلي.
وقد كنى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والكناية أبلغ من التصريح حينما جهر بالقول لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يعني من مفهوم المخالفة أن الذين فروا بالأمس لا يحبهم الله ورسوله ولا يحبونه بنقضهم العهد والإدبار وأيدها الله أنه كرار غير فرار يعنيهم في فرارهم. راجع بذلك الصحاح: البخاري ج 6 ص 191 ومسلم ج 2 ص 324 والنسائي ص 4 - 8 ومسند أحمد ج 1 ص 284 و 185 و 353 و 358 وطبقات ابن سعد ص 618 و 630 ط مصر وسيرة ابن هشام ج 3 ص 386 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 109 وحلية الأولياء ج 2
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»