شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٩٨
الذاتية على ما يناط إليه دون أن يحق له الاعتراض على ذلك كما اختبر أبا بكر وعمر في خيبر وبرهن لهم عملا أنهما ليسا لائقين لمثل هذه القيادة، وبرهن لهم درجة عملهم ونوع العمل الذي يحسنوه ويليق بكل منهم وعرفهم أنه يعرف إلى جنب ذلك درجة إيمانهم وإخلاصهم والذب عن حياض هذه العقيدة الإسلامية ودرجة تضحية كل منهم في سبيل ذلك.
ورغم أننا نجد أبا بكر من الرعيل الأول السابقين للإسلام ويضاف إلى ذلك أنه أبو زوجة عائشة وأولى زوجاته بعد وفاة زوجته المؤمنة الزكية المخلصة خديجة الكبرى - عليها السلام - وكان أبو بكر إلى جانب ذلك يناسب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - سنا فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يكبره سنتين فقط بيد نجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يؤاخي بين الصحابة لم يتخذ أبا بكر أخا له لا في الأولى ولا في الثانية رغم كل المناسبات بل يواخي ذلك الصبي الذي يكبره نحوا من ثلاثين سنة ذلك البون الشاسع في السن بينهما وهو أليفه وصاحبه ما دام في مكة قبل هجرته، ونرى كيف تتجلى هذه الأخوة بين الاثنين في التضحية العظمى التي كانت داهمت الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأوجبت هجرته للمدينة هنا نجد الأخ الصغير يقدم نفسه ضحية لأخيه الأكبر وينام على فراشه فاديا إياه بنفسه وهو رغم ما يعلمه من تصميم القوم فقد التحف بغطاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأظهر نفسه أنه هو وهو يسمع نجواهم ويرى سيوفهم التي يمكن في أي لحظة تهوى عليه وتقطعه وهو صابر محتسب لا يهمه سوى سلامة أخيه الأكبر لا يظهر عليه أي حزن أو وجل. أما أبو بكر رغم كونه في الغار وعلى الغار قد عشعش الطير ونسج العنكبوت بيته ومعه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نرى الخوف والفزع يستولي عليه حتى نزلت الآية كما مر ذكرها في مناظرة المأمون الخليفة العباسي. ونزول الآية " لا
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»