شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤٤٢
معاوية يأبى الكتاب والسنة استطاع معاوية أن يتغلب على أهل الشام وهم الهمج الرعاع ويرأسهم وبدأ حكم الإسلام فيهم منذ الفتح بولاية معاوية بن أبي سفيان فسايرهم وجاراهم في أكلهم وشربهم الخمرة وقرب زعمائهم بالعطايا دون رعاية حق العامة يسير معهم سيرة خاصة حسب أهواءه ورغباته لا يهمه كتاب ولا سنة بقدر ما تهمه مصالحه الشخصية ومطامعه النفسية ونواياه البعيدة في تثبيت أقدامه وترسيخ أحكامه فتراه وكأنه غير مقيد بنص يردعه أو يخضع إليه في إقامة العدالة في حكمه أو رعاية الأصول في نظمه. فهو المطيع المتابع لتنفيذ أوامر أبي بكر وعمر طبق النعل بالنعل والمتيقض لإرضائهم في كل كبيرة وصغيرة بالقدر الذي يثبت في مقره ويحافظ على منصبه حتى إذا وليها عثمان تنفس الصعداء إذ قلت الرقابة عليه وزاد العطف إليه وشمله بكلما يشيد له الملك من الثراء الواصل والجلال الطائل والتسلط الكامل فهو اليوم يدير ويدبر ويأمر وينهى باسم المناصح الأمين وإليه يرسل عثمان الناقدين والمعترضين من رجالات الصحابة وأقطاب المسلمين لتأديبهم وتأنيبهم وفيه يستمد آراءه ويستشيره في سيرته فلا يدع صغيرة أو كبيرة تمر منه أو ترد إليه إلا استغلها لأهدافه ومراميه للمستقبل في بناء ذلك الصرح من الملك العقيم وهو يدخر المال ويحسن الحال ويجمع حوله الرجال ويوطد أركان عرشه حتى إذا تهيأت الأسباب وواتته الفرص وهو يعرف من أين تؤكل الكتف لا يهمه دين ولا يؤنبه ضمير ولا تردعه نزاهة ولا يقين قام يزين الباطل الحرام حلالا ويشوه الحلال حراما ومحالا ويتهم أئمة الأمة بالكفر والإلحاد ويجمع حوله الأراذل والأوغاد.
وإليك نماذج من صنوف أحكامه وأعماله، ينقض العهد ولا يفي بالوعد، يفتي في الأحكام ظالما ويكون للمحق مخاصما يخالف نصوص الكتاب والسنة ويسير كما شاء ما وافقت أهواءه وظنه. لا ضمير يردعه ولا دين يمنعه. دمر وظلم وجار وزيف ودس في الأحاديث والأخبار فكانت نتيجة أعماله تفرق الأمة في عقائدها
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»