شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤٣٩
فأجاب جئت من عند أخبث الناس ثم قال: قلت لمعاوية وقد خلوت به إنك قد بلغت منا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، فقال لي: هيهات هيهات، ملك أخو تيم وفعل ما فعل فوالله ما غدا إن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: أبو بكر. ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين فوالله ما غدا إن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل عمر ثم ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد مثل نسبه فعمل ما عمل وعمل به فوالله ما غدا إن هلك فهلك ذكره وذكر ما فعل به، وإن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأي عمل يبقي مع هذا لا أم لك، والله إلا دفنا دفنا (راجع مروج الذهب ج 2 ص 341 ولقد بلغ بمعاوية حقده هو وبنو أمية إذ سمعوا بمولود اسمه علي عليه السلام قتلوه (راجع تهذيب التهذيب ج 7 ص 319) وجاء في المحبر للنسابة أبو جعفر البغدادي ص 479 أن معاوية كتب إلى زياد بن سلمة من كان على دين علي عليه السلام ورأيه فاقتله وامثل به ". وهل دين علي عليه السلام إلا دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو يقتل كل من على دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفيها يريد طمس ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويحقد على ذكره ويريد محو ذلك الذكر ولقد غير وبدل ودس وزيف وقتل ونكل أكثر مما قام به وأراد أبوه الكافر المشرك يوم كان رئيس الأحزاب وسند المشركين كان معاوية بمكره ودسائسه أقنع سفهاء الشام أن عليا عليه السلام قتل عثمان وأنه ملحد لا يصلي وكان يخطب ويقول في آخر خطبته على رؤوس الأشهاد:
اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك وصد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما.
وكتب بذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر إلى أيام عمر بن عبد العزيز (ذلك ما رواه الحافظ) راجع الغدير ج 2 ص 102 ط 2 وهكذا ترى معاوية كيف يبدل الحقائق ويقلب الواقع ويغري السفهاء والجهال ويجمع حوله أهل المطامع ويفتك بالأخيار ويخنق الأنفاس.
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»