شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤٣٥
يقدم إلا عن أمري وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوكم الخ. ولقد كان مالك الأشتر قد أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يستطع أحد الطعن فيه أبدا وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 417 فيه يوم أرسل أمير المؤمنين عليه السلام كتابا إلى أميرين من أمراء جيشه يذكر فيه توليته مالكا بقوله: وقد أمرتكما وعلى من في حيزكما مالك بن الحارث الأشتر فاسمعا له وأطيعا واجعلاه درعا ومجنا، فإنه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته ولا بطؤه عن الإسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطئ عنه أمثل.
فقال ابن أبي الحديد ولعمري كان الأشتر أهلا لذلك، كان شديد البأس جوادا، رئيسا حليما فصيحا، شاعرا، وكان يجمع بين اللين والضعف فيسطو في موضع السطوة ويرفق في موضع الرفق، ومن كلام عمر، إن هذا الأمر لا يصلح إلا لقوي في غير عنف ولين في غير ضعف.
وترى معاوية وقد أخبره عيونه بإرسال الأشتر فدبر له مكيدة في طريقه وسمه بها قبل وصوله مصر.
فلما بلغ (أمير المؤمنين عليا عليه السلام) موت الأشتر قال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، اللهم إني أحتسبه عندك فإن موته من مصائب الدهر ثم قال رحم الله مالكا فقد كان وفيا بعهده وقضى نحبه ولقى ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنها من أعظم المصائب. وجاء في شرح النهج ج 2 ص 29 عن المغيرة الضبي وهو يقول: لم يزل أمر علي عليه السلام شديدا حتى مات الأشتر.
وسمع من علي عليه السلام حين بلغه موت مالك الأشتر وهو يتلهف ويتأسف عليه ثم يقول: لله در مالك، وما مالك! لو كان من جبل لكان فندا ولو كان من حجر لكان صلدا، أما والله ليهدن موتك عالما وليفرض عالما، على مثل مالك فليبك البواكي، وهل موجود كمالك؟
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»