النفس والمال في سبيل هذا الدين وقد أطبق الكل من كان منهم في المدينة ومن تغرب إلى الأمصار واتصلوا بالمواصلة والمراسلة وتفاهموا واجتمعوا في أيام الحج وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة أولئك الذين هم أقطاب وعمدة وخبرة صدر الإسلام وأصبحوا يدا واحدة يطلبون من عثمان إصلاح نفسه والرجوع عما غير وبدل وأخص منهم من كان في المدينة فقد كتبوا لإخوانهم الذين في الأمصار ومن ذهب منهم للجهاد ونشر الدين الإسلامي قائلين لهم أنتم إنما ذهبتم لنشر هذا الدين وإصلاح بني البشر وبث تعاليم الإسلام فهلموا إلى مركز ومقر الإسلام فالخليفة قد غير وبدل والدين أصبح في خطر داهم وقد أفسده أولوا الأمر فعليكم البدء بإصلاح مركز النشر ثم تعميمه وهكذا تبادلوا الرسائل وأعدوا لاجتماعات في مكة والمدينة وتبادلوا الرأي ووجهوا نخبتهم وفي مقدمتهم الخليفة المنصوص المغصوب حقه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووزيره وباب علمه وأبو ذريته وزوج بضعته وأعلم وأتقى وأشجع وأخلص الأمة ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام فذهب إلى عثمان مرارا ونصحه وأرسل ابنه الحسن عليه السلام كلما تظلم إليه أحد وكلما أقنع عثمان وعاد إلى صوابه عاد إليه مستشاروه من بني أمية وفي مقدمتهم مروان فأرجعوه إلى غيه، وحتى أخذوا عليه العهود والمواثيق مرارا واعترف بذنبه وظلمه واستتابوه وتاب لكن لم تمض إلا أيام بل سويعات حتى ينكث ويرجع وكأنه يبطن ما لا يظهر ويكن ما لا يعلن وكأنه يترقب الفرص لوصول المدد ولكم فرح المسلمون بوعوده وابتهجوا بتوبته وإنابته، إنه سرعان ما أظهر لهم خلاف ذلك وكأنه يقلب لهم ظهر المجن ويتربص بهم الدوائر ويعلن هو وبنو أمية إنما تطلبون بذلك سلب ملكنا وإزاحتنا عن مناصبنا التي كسانا الله بها ويصرح إن ما لديه من أموال المسلمين إنما هي تحت تصرفه له الحق أن يفعل بها ما يشاء ويرغم أنف من لا يرضى، ولكم أوجع أقرب وأسبق الصحابة ضربا حتى الموت لمحض إنه نصح أو أرشد أو اعترض أو لمح، حتى أعيى كل حكيم منهم وقد مر كلام علي عليه السلام معه ولما يرعوي ويصغي ويؤوب ويقتنع ويتوب ويتعهد
(٣٦٧)