سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٥٢
صالح وثمود صفحة جديدة من صفحات التاريخ يقلبها لنا القرآن الكريم مجردة عن الزمان والمكان، يقلبها لنا بقوالب لفظية تصور لنا حقيقة واقعة ما قبل التاريخ، حقيقة قوم كانوا يعيشون في واد من الأودية أبدعوا في عمارته وبناءه، وتوسعوا في مدنيته وعمرانه وبعبارة أخرى أحسنوا في إخراج المظهر بالشكل الجميل وأخطأوا في إصابة المحتوى الحقيقي في كدحهم هذا فأرسل الله تعالى لهم صالحا لكي يكمل عمرانهم ويحكم قواعدهم ويوصل جذورهم فجاء بصوت الرأفة والرحمة إلى قومه ، جاء بعبارة (يا قومي).
كم تحمل هذه العبارة من دلائل وإشارات نابعة من القلب الذي ينادي بها فقال لهم:
* (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب) * (1) فأنا لا أريد منكم إلا أن تقولوا لا إله إلا الله، وحدوا الله في أرضه، وحدوا الذي خلقكم وجعلكم خلفاء من بعد قوم عاد.
* (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد) * (2) فيا قومي استغفروا الله وتوبوا إليه إنه قريب يسمع دعوة من دعاءه يجيب من ناجاه ولا تتكبروا عليه، هو الذي خلقكم من الأرض، وجعل عمارتها بأيديكم، فتوبوا إلى الله تعالى لعلكم تفلحون.
وركز في دعوته على الهدف الذي حمله على دعوتهم ألا وهو رضا الله تعالى بعيدا عن كل المكاسب المادية التي غرقوا فيها ولا يرون شئ إلا من خلالها.
* (وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) * (3) فأنا إليكم مرسل لنعبد الله معا ونشكره على نعمائه فهو الذي بوأنا في الأرض لنتخذ من سهولها قصورا نحمي بها أنفسنا من شرور الدنيا فلا بد أن نتخذ قصورا نحمي بها أنفسنا من شرور الآخرة وما قصور الآخرة إلا عبادة الله تعالى وذكر نعمه التي

(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»