سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٤٩
طاعة الله وعبادته وأن لا يعيدوا الكرة التي أحلت بقوم نوح، وكذلك يذكرهم بما أعطاهم الله من مواصفات خاصة جعلتهم يتمتعون بها ويتميزون عن بقية الشعوب بذلك. فيا قوم لا يأخذكم الغرور والطيش وتكفروا بهذه النعم الإلهية فخذوا حذركم من بطش الله تعالى بالقوم الكافرين.
خامسا: - نفي التهم الموجهة إليه لم يدخر القوم في مجابهتهم مع هود وسيلة كان باعتقادهم أن تؤدي إلى إضعاف هود في المواجهة ولم يفعلوها، فكالوا له التهم المتعددة من الجنون تارة والكذب أخرى والسفاهة ثالثا ولكن هود لم يقف أمام هذه التهم مكتوف الأيدي بل ردها جميعا بأسلوب الحوار والمواجهة في الكلام تارة وبالتوجه إلى الله أخرى في نصره عليهم فقال:
* (قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين) * (1) فأنا رسول الله إليكم لأنقذكم من الظلال والعمى والتخبط في هذه الدنيا وأنتصر بكم لله لا لنفسي فهذه ليست سفاهة فالسفيه من اتبع شهواته وترك عقله جانبا وأنا أدعوكم بالحجة القاطعة والبرهان الواضح فما لكم لا تؤمنون بي، وأخذ يرد التهم الموجهة إليه من قبلهم.
وأخيرا وبعد هذه الرحلة الطويلة مع نبي الله هود وقف القوم موقف المتصلب الذي لا يريد أن يذعن للحق، بل اختاروا الطريق الذي رسمه إليهم آباءهم والذين سبقوهم بالانحراف، فلم ينفع النصح الذي قدمه هود (عليه السلام) لهم بل زادهم تصلبا لأن الخير إذا وضع في غير محله لن يزيد ذلك المحل إلا شرا فكلما زاد هود في دعوته زاد القوم في تصلبهم حتى أعلنوا أنهم لن يؤمنوا به فقالوا له:
* (وما نحن لك بمؤمنين) * (2) وبعدما علم هود من القوم أنهم لن يؤمنوا له قال لهم أنا أبلغت رسالات ربي إليكم إن أطعتم فلكم وإن عصيتم فعليكم وما أنتم بضارين لله تعالى فسوف يستبدل قوما غيركم كما بدل قوم نوح بكم، فرسم لنا القرآن ذلك فقال:

(٤٩)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»