* (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا) * (1) صديقا في القول والعمل، صديقا في الدعوة والتبليغ، صديقا في المواجهة، صديقا مع نفسه ومع ربه ومع أباه آزر ومع قومه الذين جابهوه بمختلف الوسائل التي لم تكن غريبة على أنبياء الله تعالى (عليهم السلام).
قوم إبراهيم (عليه السلام) الجهل إذا أطبق على أمة من الأمم سيرها خلف شهواتها وأبعدها عن عقلها، فالجهل وكما قيل لا ينصب أفكارا بل يقيم أصناما، فهاهم قوم إبراهيم يحدثنا عنهم القرآن الكريم الذي يعتبر أوثق المصادر نقلا عن تلك الحقب الزمنية السحيقة ، فهو يرسم لنا المستوى الفكري والسياسي والاجتماعي للأقوام من خلال نقله طرق وأساليب المواجهة بين الإصلاح والانحراف في تلك المرحلة.
فقوم إبراهيم (عليه السلام) يصورهم القرآن الكريم بأنهم كانوا عبدة لأصنام هم رسموها وحددوا هيئاتها وأشكالها فجمدوا عقولهم وخضعوا لها فكريا قبل أن ينحنوا لها جسديا.
* (قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين) * (2) فهذا هو الجمود الفكري الذي يورث الجهل والانحراف، ألم يكن لكم عقول؟ لماذا لا تكونوا أنتم الآباء وتأسسوا لأبنائكم حضارة فكرية وقيم أخلاقية؟ لماذا تسيروا وراء آباءكم من دون تفكير وروية؟ فالأصنام التي تعبدونها لا تحتاج إلى كثير تفكر حتى تهجروها مليا.
فهاهم يعبدون أصناما لا تنفع ولا تضر ونبههم على ذلك إبراهيم (عليه السلام) فقال * (أفتعبدون من الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم) * (3) فلو تأملوا في هذه الكلمات قليلا لرجعوا عما هم عليه من العقائد الفاسدة والأعمال المنحرفة والطقوس التي يمارسونها يوميا لتلك الأصنام الهامدة التي لا تجاوب من يستنطقها ولا تنفع من يحتاجها، فيا عجبا لعقل خضع لصنم! ويا عجبا لجسد خوى لجثة هامدة! ويا عجبا لزمان يحارب فيه المصلح! ويا عجبا لأقوام لا تخضع لعقولها! فإذا تصفحنا