سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٥٠
* (فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضروه شيئا إن ربي على كل شئ حفيظ) * (1) إلى هنا حق العذاب على هؤلاء، حق العذاب عليهم لما استكبروا به في الطاعة لله تعالى بعد الحجج والبراهين الساطعة التي لا تقبل الشك والجدال، عند ذلك توجه هود إلى ربه توجه وهو يحمل مشاعر الرسالة وعواطف الخوف على قومه توجه إلى القول الفصل والكلمة الحقة فقال:
* (قال ربي انصرني بما كاذبون) * (2) فجاء الجواب الإلهي مباشرة ليطمئن هود بأن الله معه في كل لحظة من لحظات الدعوة إلى الله فماذا كان الجواب؟
* (قال عما قليل ليصبحن نادمين) * (3) سيندمون على كل ما واجهوك به من وسائل وتهم وافتراءات وتمسك بقيم وتقاليد لم ينزل الله بها من سلطان، وأخيرا طلبوا العذاب بألسنتهم عندما قالوا له:
* (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) * (4) فأجابهم هود عندها بأن الله وحده هو العالم بذلك وهذا الأمر بيده.
* (قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون) * (5) إذا جاء العذاب الذي كان ينتظرونه طويلا جاءت السنة الإلهية الحتمية التي لا تقبل الرد ولا التبديل جاءت النتيجة التي أبدع قوم هود في تهيئة المقدمات لها.
* (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم) * * (تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين) * (6) هذه هي النتيجة التي يقف الباحث أمامها موقف الصمت لأنها تنطق بمعاني تعجز الألفاظ أن تعطيها حقها، ريحا تدمر كل ما هو أمامها لتكتسح تلك الحفنة التي عجز هود عن هدايتهم وتطوي صفحة أخرى من سجل الحياة الحافل بهذه القصص العجيبة وتترك للمتأمل القارئ درسا في تحديد مواقفه الراهنة والمستقبلية حتى يبعد عنه ما أحل بقوم هود (عليه السلام) من الدمار والخزي في الدنيا والآخرة.

(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»