سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٤٢
ما الذي يريده هود؟
لا بد من الهدف وإلا كانت الدعوة إلى الله غامضة لهود فضلا عن قومه فما هو الهدف الذي سعى إليه هود؟ وماذا أراد أن يوجد في مجتمعه؟ لنقرأ القرآن ونسأله فهو الناطق الرسمي بذلك فلا بد من استنطاقه لمعرفة الأهداف التي توخى هود إيجادها في مجتمعه فقال عز من قال:
* (وإلى عاد أخاهم هودا) * (1) من نفس القبيلة ومن نفس الجنس بالمواصفات المذكورة سابقا - فلماذا أخاهم؟ لماذا لا يكون من قبيلة أخرى؟ فلذلك فائدة وحكمة، لعل الحكمة والله العالم أن هود أعلم من غيره بمجتمعه وقومه فهو الذي يشخص الطرق والوسائل الصحيحة في المواجهة لما يعرف منهم من عادات وتقاليد وأمور أخرى تجعله قادرا على المواجهة والانتصار وغيرها من الحكم التي لا يعلمها إلا الله تعالى.
ونعود إلى طلبات هود من مجتمعه، فيا ترى هل هي طلبات شخصية ذاتية لخدمة مصالحه الخاصة أم لا طلبات إلهية بمستوى الرسالة التي يحملها ويبلغ بها فلا بد أولا من ذكرها.
الطلب الأول (العبودية) * (قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره وإن أنتم إلا مفترون) * عبادة خالصة لله تعالى تنبع من قلوبكم توحدون بها خالقكم، وتنفون بها كل مظاهر الشرك السائدة في المجتمع، والسر في تفرده بالعبودية لأنه لا يوجد إله غيره، والذي تعبدونه من الأصنام افتراء على الله ما هي آلهة بل هي أصنام أنتم نسجتموها في أذهانكم وجسدتموها خارجا فذروها وتعالوا معي إلى الحق القيوم إلى القوة القاهرة إلى رب الكون ومسبب أسبابه وما أصنامهم إلا كالتراب بالنسبة إلى رب الأرباب فهذا هو الطلب الأول ليس لهود فقط بل لكل أنبياء الله تعالى كما اتضح من

(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»