سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٣٧
نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) * * (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الضالمين إلا تبارا) * (1).
هذه خلاصة الدعوة التي قام بها نوح رفعها إلى مرسله بقلب يحن إذا ذكر نعم ربه ويتألم إذا ذكر قومه وصدودهم عنه، رفع هذا التقرير إلى ربه لكي يرى ماذا يفعل بهم ربهم بعدما عجز نوح عن دعوتهم وما أن تم هذا التقرير الذي اختصر السنوات المليئة بالأحداث والآلام لنوح (عليه السلام) جاء الحل النهائي.
الحل النهائي * (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) * (2) فاصنع يا نوح السفينة بتسديدنا وتوجيهنا ولا يرق قلبك إلى هؤلاء الظلمة سوف يأتيهم عذابنا عما قليل وتطهر الأرض من رجسهم وتبدأ مرحلة جديدة من حياتك مع الناس فأخذ نوح يصنع بالسفينة ولكن القوم لم يكفوا عن نوح بل راحوا يستهزؤن به وبعمله هذا فحدثنا القرآن عن ذلك.
* (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون) * (3) سياسة مماثلة سخرية بسخرية فهم يسخرون من نوح لأنهم يجهلون ما يعمل وهو يسخر منهم لأنه يعلم ماذا سيحل بهم وكم فارق بين السخريتين، ومرت السنين ونوح يصنع بالسفينة ويعمل بها ليلا ونهارا كما كان يدعو قومه ليلا ونهار حتى إذا أكمل الصنع وتهيأ لأمر الله.
* (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) * (4) خطاب جديد لنوح ليحمل في سفينته من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول وسار خلف شهواته فهو من المغرقين لا محالة فتوجه إليهم نوح (عليه السلام).

(١) نوح: ١ - ٢٨.
(٢) هود: ٣٧.
(٣) هود: ٣٨.
(٤) هود: ٤٠.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»