سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٨
على البلايا والمصائب.
لماذا يحتاج الناس إلى الأنبياء " الجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكارا بل ينصب أصناما " (1) الدنيا دار مركبة متزاحمة ومحدودة تتصارع فيها القوى والشهوات كل شئ فيها معرض للزوال والانحلال وفي زحمة هذا الصراع المستمر يتيه الإنسان ويظل إذا لم يوجد الهادي والمدل على الطريق الصحيح القويم، يتيه لأن للجهل مكان وبوجود الجهل يبزغ الصنم فيستحكم في نفسية الإنسان فيدور الإنسان بأفكاره وعقائده مدار الموجود الصنمي المخلوق من لا شئ سوى جهالات فارغة المحتوى والمضمون، ويضل الإنسان إذا لم يوجد من يدله على الطريق القويم ومن هذا المدل؟ ليس إلا ذلك النبي الذي يتصل بخالق الإنسان ليبين له طبيعة البشر ويهديه إلى الطريق الصحيح الذي يناغي فطرة البشر ويرسم له الخطط ويحدد له الوسائل ليخرج الخلق من الظلمات إلى النور ومن الجهل إلى الأفكار ومن البدوية إلى المدنية.
فاحتياج الناس إلى الأنبياء احتياج الظلام إلى النور، احتياج الجهل إلى العلم، فهم سلام الله عليهم يوقدون الشموع في طريق الإنسانية لتصل إلى ربها وخالقها لتصل إلى الحقيقة التي من أجلها خلقت، لتصل إلى علتها الحقيقية في وجودها وبقائها، وإلا إذا انقطع الإنسان عن ربه انقطع عن نفسه لأن المعلول وكما هو مقرر في علم الفلسفة موجود فقير رابط غير مستقل متقوم بهذه الرابطة الوجودية بنيه وبين علته فإذا انقطعت انتهى المعلول وجودا وبقاءا فالإنسان معلول لله تعالى في وجوده وبقاءه فإذا فقد المدل إلى الله تعالى انقطعت الرابطة بينه وبين ربه.

(1) شروط النهضة - مالك بن نبي ترجمة عصر كامل وعبد الصبور شاهين.
(١٨)
مفاتيح البحث: الجهل (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»