سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٢٢
ويذكر أن أبي العلاء المعري هجا حكام عصره لأنهم يسوسون الأمة بغير رشد وعقل حيث قال (1): - يسوسون الأمور بغير عقل * فينفذ حكمهم ويقال ساسة فأف من الحياة وآف منهم * ومن زمن رياسته خساسة أما السياسة اصطلاحا فذكرها الشيخ كاشف الغطاء حيث قال (2): - إذا كان المعنى بها هو الوعظ والإرشاد والنهي عن الفساد والنصيحة للحاكمين بل لعامة العباد والتحذير من الوقوع في حبائل الاستعمار والاستعباد ووضع القيود والأغلال على البلاد وأبناء البلاد فأنا غارق فيها إلى هامتي وهي من واجباتي وأراني مسؤولا عنها أمام الله والوجدان وهي من وظائفي ووظيفة آبائي الذين كانت لهم الزعامة الدينية منذ ثلاثة قرون أو أكثر لا في العراق بل في دنيا الإسلام كله وهي النيابة العامة والزعامة الكبرى والخلافة الإلهية العظمى حيث يقول تعالى في كتابه العزيز.
* (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) * وفي بعض الزيارات للأئمة سلام الله عليهم يقول: - " وأنتم ساسة العباد وأركان البلاد " فسياستنا (والكلام للشيخ) هي سياسة النبي والأئمة سلام الله عليه وعليهم الخالية عن كل هوى وهوس وطمع ودنس.
وبهذا العرض الرائع لمعنى السياسة يحدد هذا الرجل العظيم معنى السياسة التي هي مهمة الأنبياء والأولياء والعلماء من بعدهم، يحددها بهذا المعنى الشامل البعيد كل البعد عن الانحراف واتباع الأهواء والبعيد عن الفصل المأخوذ في السياسة في عالمنا المعاصر الذي هو عالم المصالح وسياسة المصالح بعيدا عن القيم والتقاليد والأخلاق.
فالسياسة في المصطلح الإسلامي هي الولاية وتدبير شؤون الرعية بما يصلحها، أما في المصطلح العربي المعاصر يعرفون السياسة بأنها: - " أشمل من الحكم وأنها علم الدولة التي تبحث عن التنظيمات البشرية وعن تكوين الأحداث السياسية وعن تنظيم الحكومات وفي فعالية الحكومة التي لها صلة

(1) باقر شريف القرشي، النظام السياسي في الإسلام ص 44.
(2) السياسة والحكمة - الإمام الأكبر محمد حسين آل كاشف الغطاء.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»