المحدودة إلى هذه الأمور، ولو نظروا إلى هذه الحوادث في إطار النظام الكوني العام لأذعنوا بأنها خير برمتها، فللوهلة الأولى تتجلى تلك الحوادث شرا وبلية، ولكن المتعمق بها يرى أنها مدعاة إلى الخير والصلاح، وأنها تكتسي لباس الحكمة والعدل والنظم، وتفصيل فلسفة البلايا والشرور في العالم موكول إلى علم الكلام، ولكن فيما يتعلق ببحثنا نعود ونؤكد بأن العقيدة الإسلامية أعادت صياغة عقل الإنسان تجاه الطبيعة المحيطة به، بشكل يجعله أكثر حرية وتفاعلا وتسالما معها.
رابعا: تحرير الإنسان من الأساطير ومن الخرافة في الاعتقاد أو السلوك، من أجل رفع الحواجز الوهمية التي تحول دون استخدام طاقة العقل على نحو سليم، وكان الإنسان الجاهلي على سبيل المثال يتفاءل ويتشائم بحركات الطير، فينطلق نحو العمل إذا اتجه الطير يمينا، ويتراجع عن العمل إذا اتجه الطير شمالا، وكانت طبقة الكهان والمنجمين تحتل موقع الصدارة في السلم الاجتماعي وتخدع الناس بادعائها علم الغيب، وكان التطير يقيد الناس بحبال الوهم عن السعي والسفر، وكذا كان الاستقسام بالأزلام، إذ يأخذ من قصد عملا - ثلاثة سهام -، يكتب على أحدها: " إفعل " وعلى الآخر: " لا تفعل " ويترك الثالث هملا، ويمد يده ليأخذ أحدها، فإن خرج الأول أقبل على عمله، وإن أصاب الثاني توقف، وإن خرج الثالث أعاد الكرة! وكان السحر متفشيا بين الناس ينذر بشر مستطير، فعملت العقيدة على محاربة هذه المظاهر، وكانت سببا لتفتح العقول والسمو بالنفوس، وإخراج الناس من ظلمات الوهم والخرافة إلى نور العلم والحقيقة..
قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليس منا من تطير ولا من تطير له، أو تكهن