والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر...) * (1).
لقد مر الإنسان بمرحلة الحيرة والتساؤل والقلق من مظاهر الطبيعة من حوله، فهو لا يعرف شيئا من أسرارها وأسباب تقلب أحوالها، فأخذ يقدسها ويقدم لها القرابين بسخاء، متصورا أنه سوف يأمن بذلك من ثورات براكينها الملتهبة وزلازلها المدمرة وسيولها الجارفة وصواعقها المحرقة، فعملت العقيدة على تنقية العقول من غواشيها، وفتحت الطريق أمامها واسعا لاستثمار الطبيعة والتسالم معها، عندما رفعت ما كان من حجب كثيفة بين الإنسان والطبيعة، وانكشف له بأن الطبيعة ومظاهرها وما فيها من مخلوقات وحوادث كلها صادرة عن الله تعالى، وهي مخلوقات مسخرة لخدمته، وما عليه إلا أن ينتفع بها ويتفكر فيها وبأصلها حتى يصل عن طريقها إلى الخالق: * (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت) * (2).
ولا بد من الإشارة إلى أن منهج العقيدة في بناء الإنسان " منهج شمولي " ينظم علاقة الإنسان بنفسه وبربه وبالطبيعة من حوله، وكل توثيق أو تطور في العلاقة بين الإنسان وربه فسوف ينعكس إيجابيا على علاقته مع الطبيعة المسخرة بيد الله تعالى، فتجود على الإنسان المؤمن بالخير والعطاء، لذلك طلب النبي " هود " (عليه السلام) من قومه - الذين ابتعدوا عن منهج السماء فحبس عنهم المطر ثلاث سنين وكادوا يهلكون - أن يستغفروا