فبينما كان يؤكد افتقارهم إلى أدنى حجة ذات قيمة في ما يعتقدون من عبادة الأوثان والعقائد الزائفة، ركز على أن كل ما يمتلكونه من حجة هو أنهم وجدوا آباءهم على ذلك، فتمسكوا به.. * (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) * (1).
ثم يؤكد أن هذا هو ديدن هذا الصنف من الناس الذي أغلق على ذهنه المنافذ.. * (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) * (2). وهكذا يسوق مقولتهم هذه مرتين في آيتين متتابعتين ليجسد ما تنطوي عليه هذه المقولة من تهافت، وما يغيب فيه هؤلاء من جهل متجذر موروث لا يصغي لدعوة حق ولا لبرهان ساطع بل ليس لديهم أكثر من ترديد مقولتهم تلك * (أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا) * (3)؟! حتى لو جاءهم متحديا لما وجدوا عليه آباءهم مبينا فساده.. * (قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) *؟ حتى مع مثل هذه الاستثارة لا يبحثون عن برهان، ولا يفتحون نافذة للنظرة، بل وقفوا دائما بتحجرهم الأول، و * (قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) * (4)، و * (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) * (5)!! ويكرر القرآن النكير على هؤلاء في مواضع آخر، لأنه إنما يواجه في مشروعه المعرفي نظريات استحكمت وترسخت لدى أمم متتابعة، لا يستبعد أن يكون لها