لا ينال بالحواس ولا يقاس بالناس، وأن الإنسان وجد لغاية سامية وهي عبادة الله تعالى والوصول من خلالها إلى أرفع درجات التكامل والخلود.
كما تولد هذه العقيدة أيضا عواطف وأحاسيس خيرة، يتبنى الإسلام بثها وتنميتها من أجل بناء الإنسان الكامل في الأبعاد الفكرية والاجتماعية والسلوكية، وتكوين الشخصية العقائدية التي تتمتع بعقلية هادفة وسلوك قويم، واتجاه رسالي، على العكس من الشخصية اللا منتمية، التي تنصب اهتماماتها جميعا على الذات ومصالحها ورغائبها، فتعاني من الفراغ العقلي والتأزم النفسي وفقدان الهدفية في الحياة.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن العقيدة الإسلامية ليست كعقيدة الفلاسفة - باعتبارها نظرية فكرية تقبع في زوايا الدماغ - بل هي قوة تتحرك في القلب وتنعكس إيجابيا على النفس والجوارح، فيندفع معتنقها إلى ميادين الجهاد والعمل، وعليه فقد كانت قوة فاعلة ومحركة، غيرت مجرى التاريخ، وبدلت معالم الحضارة، وأحدثت في حياة الإنسان الاجتماعية والفكرية انقلابات رائعة، وحققت انتصارات عسكرية مشهودة، ولذلك وجدنا القلة المستضعفة العزلاء في مكة، استطاعت بعقيدتها أن تصمد ثلاثة عشر عاما في مواجهة طغيان كالطوفان.
وهذه العقيدة هي التي جندت للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشا عدته عشرة آلاف، وهو الذي خرج من مكة مستخفيا يطارده كفارها، ولم يستطع الذين حاربوه طوال هذه المدة أن يصمدوا أمام قوة الإيمان الزاحفة، فاستسلموا له، وأتوا إليه مذعنين، أو دفعوا إليه الجزية صاغرين.
كان المسلمون يملكون أقوى عدد النصر، وهي العقيدة التي تصنع