فحل علي عليه السلام حبوته، وقال: الصبر حلم، والتقوى دين، والحجة محمد، والطريق الصراط، ايها الناس شقوا أمواج الفتن.... (الخطبة).... فدخل إلى منزله وافترق القوم (1).
وفي تذكرة ابن الجوزي: لما دفن رسول الله.... ونقل الخطبة باختلاف (2).
وقوله عليه السلام: أفلح من نهض بجناح واستسلم فأراح كالصريح في أنه لو كان له جناح لنهض وقام بالسيف ولكن حيث لا جناح له فهو يستسلم ليريح الناس ولا يوجب ازعاجهم دون جدوى.
وفي الشطر الأخير من الخطبة بين عليه السلام ان استسلامه ليس خوفا من الموت وقد أنس به مليا في خضم الحروب فهو آنس به من الطفل بثدي أمه ولكنه انطوى على مكنون علم يمنعه من المطالبة بالقوة وهو - كما بينه في مواضع كثيرة - خوف الفتنة وانقسام المسلمين، والضغائن الجاهلية بعد كامنة في النفوس، فان وجدت لها مخرجا فارت، وعاد الامر جذعة، وارتد الناس إلى الجاهلية، والمنافقون يكيدون للدين الحديث المكائد، وفي المسلمين سماعون لهم. والخطر محدق بهم من الخارج أيضا حيث الإمبراطوريات المهددة تحاول انتهاز الفرص للقضاء على كل خطر يهدد كيانها. ولذلك رد الإمام عليه السلام اقتراح أبي سفيان بأنه يملأ المدينة خيلا ورجلا.
وقوله عليه السلام في الخطبة (26): فنظرت فإذا ليس لي معين إلا اهل بيتي فضننت بهم عن الموت وأغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على اخذ الكظم وعلى أمر من طعم العلقم (3).
ومثله على اختلاف يسير الخطبة 217 ففيها: فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا ساعد الا اهل بيتي فضننت بهم عن المنية فأغضيت على القذى وجرعت ريقي على الشجا وصبرت من كظم الغيظ على امر من العلقم وآلم للقلب من وخز الشفار (4).
4 - أرى تراثي نهبا. وهذه الجملة أيضا صريحة في أن الإمام عليه السلام كان يرى نفسه وارث الزعامة والولاية فهو لم يتحدث هنا عن ارث المال ولم يكن هو وارث النبي صلى الله عليه وآله شرعا لو كان له مال موروث بل كان المال لزوجاته وابنته مع أن كلامه هنا يدور حول الخلافة وتقمص أبي بكر لها فهي التراث المنهوب وهذا صريح في أن خلافة الرسول صلى الله عليه وآله في الولاية والأقرة على المسلمين ليست حقا للناس يختارون من شاؤوا بل تراث يورثه الرسول صلى الله عليه وآله من شاء وانه أورثها