دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ٣٢
اثبات تواتر النقل ووضوح الدلالة. فهذا هو الفرق بين النص الجلي والنص الخفي عنده وعند أصحابنا كما يقول.
ولنعد الآن إلى عبارته التي نقلها الكاتب وننقل ما قبلها وما بعدها ليتضح المراد:
قال صاحب الكتاب: (اي قاضي القضاة المعتزلي): فان قيل انا ندعي هذا الجنس من الاضطرار لمن فتش عن الأخبار وأزال عن قلبه الشبهة، ولم يسبق إلى اعتقاد فاسد ، فأما من حصل فيه بعض هذه الوجوه لم يحصل له الضرورة، ولذلك يحصل الاضطرار لطوائف الشيعة ولا يحصل للمخالفين.
قيل لهم: إذا كان ذلك هو الحجة وقد أقررتم أنه لا يحصل للمخالف فيجب أن يكونوا في أوسع العذر في مخالفتكم وأن لا يلحقهم الذم بذلك.
فان قالوا: إنما نذمهم من حيث اعتقدوا إمامة غير أمير المؤمنين عليه السلام لشبهة.
قيل لهم: فيجب أن لا يلحق من شك في ذلك وتوقف الذم ويكون معذورا في ذلك وذلك ينقض أصلهم في الإمامة لأنهم يجعلونها من أعظم أركان الدين وأصلا لسائر الشرائع ( فكيف يصح أن لا يعلمها من خالفهم مع علمه بفروع الدين التي هي الصلاة والصيام وغير ذلك).
يقال له: قد بينا أنا لا ندعي علم الضرورة في النص لا لأنفسنا ولا على مخالفينا ، وما نعرف أحدا من أصحابنا صرح بادعاء ذلك ولكنا نكلمك على ما يلزمك دون ما نذهب إليه ونعتقده حقا.
أما ادعاؤك أن يكون المخالف لنا في أوسع العذر إذا لم يعرف النص ضرورة، فباطل لا يدخل في مثله شبهة على مثلك لأنا إنما ألزمناك أن يرتفع العلم الضرورة عنهم بالنص على وجه كانوا فيه هم المانعين لأنفسهم منه، وهم مع كونهم مانعين من وقوعه متمكنون من إزالة المانع، والخروج عما ارتفع من أجله العلم بالنص من الشبهة أو السبق إلى الاعتقاد، ولو شاءوا لفارقوا ذلك فوقع لهم العلم الضروري، فكيف يجب على هذا أن يكونوا معذورين... (1).
وخلاصة القول ان قاضي القضاة يدعي ان العلم الضروري بالنص من الرسول صلى الله عليه وآله على خلافة علي عليه السلام انما يحصل لمن فتش الاخبار وبحث عن النص ولم يكن على شبهة وعقيدة مخالفة قبل ذلك ولا يحصل العلم الضروري لمن لم يفتش عنها أو فتش وكان على اعتقاد راسخ بعدم وجود النص فإنه يأول ما يراه أو يمنع حصول التواتر وعلى ذلك فهو معذور في عدم حصول العلم له وإذا كان كذلك فيأتي الاشكال في أصل ثبوت النص بأنه كيف لم يحصل الشك والشبهة للمسلمين جميعا المعترفين بالنبوة في وجوب الصلاة والصوم وحصل لهم الشك في ثبوت نص الخلافة ولم يحصل

(1) الشافي 2: 97 - 98.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»