دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ٣٩
وانما استخلف عليا بوحي من عاطفته بل كان هذا أولى من تلك المعارضة لأن الفتنة التي تقوم بدعوى على النص أشد مما كان يترقبه عمر من اضطراب فيما إذا كان النبي صلى الله عليه وآله قد خلف نصا تحريريا بامامة يعلمه الجميع.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد ترك التصريح بخلافة علي في ساعته الأخيرة لقول قاله عمر فان المفهوم ان يترك الوصي الاحتجاج بالنصوص خوفا من قول قد يقوله (1).
يقول الكاتب (ص 23): لقد كان الإمام علي يؤمن بنظام الشورى وان حق الشورى بالدرجة الأولى هو من اختصاص المهاجرين والأنصار، ولذلك فقد رفض بعد مقتل عثمان، الاستجابة للثوار الذين دعوه إلى تولي السلطة وقال لهم: ليس هذا إليكم... هذا للمهاجرين والأنصار من أمره أولئك كان أميرا.
وعندما جاءه المهاجرون والأنصار وقالوا: امدد يدك نبايعك دفعهم، فعاودوه، ودفعهم ثم عاوده، فقال: دعوني والتمسوا غيري واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم... وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا، ومشى إلى طلحة والزبير فعرضها عليهما فقال : من شاء منكما بايعته، فقالا: لا... الناس بك أرضى، وأخيرا قال لهم: فإن أبيتم فإن بيعتي لا تكون سرا، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين ولكن أخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني فليبايعني.
أما الرواية التي تقول انه عليه السلام رفض الاستجابة للثوار فلا يمكن تصديقها، إذ لا يمكن أن يناط تعيين الخليفة بالمهاجرين والأنصار، وإلا لاختص نظام الشورى بذلك العهد. ولو قيل باختصاص الحكم بأهل الحل والعقد فلا يصح ذلك أيضا، لعدم انطباق هذا العنوان على جميع المهاجرين والأنصار بل النسبة بين العنوانين عموم من وجه، فان هناك في ذلك العهد من يعد من أهل الحل والعقد وليس من المهاجرين والأنصار، ولو صحت نسبة القول إليه عليه السلام فلا بد من حمل ذلك على أنه انما رد دعوتهم لكونهم قاتلي الخليفة، ولو قبل الامام دعوتهم لصدقت تهمة بني أمية وأتباعهم بأنه عليه السلام يترأس الثوار، فإذا كانت التهمة قد أثرت مفعولها مع بعده عليه السلام عنها ذلك البعد بل قيامه بالدفاع عن عثمان فما ظنك بها لو كان يقبل اقتراح الثوار؟!
وأما رفضه لقبول البيعة إلا بعد الحاح الناس عليه فهذا لا يدل على انتفاء النص وقد بينا فيما سبق ان البيعة ليست بمعنى الانتخاب بل هي تعهد والتزام من الناس بنصرة من يبايعونه وهو عليه السلام بعد

(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 » »»