دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ٢٧
2 - وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى. يشبه الإمام عليه السلام الخلافة والإمامة بالرحى ونفسه الزكية بقطبها والرحى لا تدور الا على قطبها فهو يرى لنفسه منزلة لا يمكن للخلافة الا ان تدور عليه وتكون بيده سواء أراد الناس أم ابوا ولو كان الامر موكولا إلى الناس لم يكن لاحد منزلة القطب في رحى الخلافة وانما القطب لها من اختاره الناس سواء كان صالحا أم غير صالح إذ لا حق لاحد خارج نطاق الشورى وانتخاب الناس. والطريف ان الإمام عليه السلام يعلن بان أبا بكر يعلم ذلك ومن أين علمه أبو بكر مع أنهم كانوا يزعمون أن عليا شاب لا ترضى بزعامته مشايخ العرب فلا معنى لهذه الجملة الا الإشارة إلى النص الذي كان يعلم به أبو بكر كما يعلمه سائر الصحابة.
3 - وطفقت أرتئي بين ان أصول بيد جذاء... هذه العبارة تدل بوضوح على أنه عليه السلام لو كانت له يد قادرة على الحرب وأعوان على الصولة على القوم لحاربهم وقاتلهم واخذ منهم الزعامة بالقوة وانما منعه عن ذلك فقد أنصار أقوياء يبذلون النفس في سبيل الحق. وعلى ماذا يقاتل الامام لو لم يكن له حق مغصوب مسلوب؟! ولو كان الامر شورى وبانتخاب الناس فالحق هو ما اختاروه ولم يكن هناك ما يبرر الصولة على القوم والإطاحة بهم فهذه الجملة صريحة في أن له عليه السلام حقا ثابتا في زعامة المسلمين ليس لاحد ان يغتصبه سواء تجمعت الأمة على أحد أم تفرقوا.
وقد تكرر من الإمام عليه السلام القول بهذا المضمون فمنها قوله في الخطبة (5) من نهج البلاغة: ايها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح، ماء آجن، ولقمة يغص بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه ، فإن أقل يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت.
هيهات بعد اللتيا والتي! والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة.
قال ابن أبي الحديد في ذيل الخطبة: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، واشتغل علي عليه السلام بغسله ودفنه، وبويع أبو بكر، خلا الزبير وأبو سفيان وجماعة من المهاجرين بعباس وعلي عليه السلام لإجالة الرأي، وتكلموا بكلام يقتضي الاستنهاض والتهييج، فقال العباس رضي الله عنه: قد سمعنا قولكم فلا لقلة نستعين بكم، ولا لظنة نترك آراءكم، فأمهلونا نراجع الفكر، فإن يكن لنا من الاثم مخرج يصر بنا وبهم الحق صرير الجدجد، ونبسط إلى المجد أكفا لا نقبضها أو نبلغ المدى، وإن تكن الأخرى، فلا لقلة في العدد ولا لوهن في الأيد، والله لولا أن الاسلام قيد الفتك، لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من المحل العلي.
يتبع
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»