تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٠٩
أحد قبله، لأن الله تعالى رزقه مثل (1) يوسف (عليه السلام) أحسن الناس وأجملهم وأكملهم عقلا (2) وفضلا وأدبا وعفافا، ثم أصيب به أعجب مصيبة وأطرفها، لأنه لم يمرض بين يديه مرضا يؤول إلى الموت فيسليه عنه تمريضه له، ثم يأسه منه الموت، بل فقده فقدا لا يقطع معه على الهلاك فييأس (3) [منه]، ولا يجد أمارة على حياته وسلامته، فيرجو ويطمع. وكان متردد الفكر بين يأس وطمع، وهذا أغلظ ما يكون على الانسان، وأنكأ لقلبه.
وقد يرد على الانسان من الحزن ما لا يملك رده ولا يقوى على دفعه.
ولهذا لم يكن أحد (4) منهيا عن مجرد الحزن والبكاء، وإنما نهي عن اللطم والنوح، وأن يطلق لسانه بما (5) يسخط ربه.
وقد بكى نبينا (صلى الله عليه وآله) على [ابنه] إبراهيم عند وفاته، وقال: " العين تدمع، والقلب يخشع، ولا نقول ما يسخط الرب " (6)، وهو (صلى الله عليه وآله) القدوة في جميع الآداب والفضائل، على أن يعقوب (عليه السلام) إنما أبدى من حزنه يسيرا من كثير، وكان ما يخفيه (7) ويتصبر عليه ويغالبه أكثر وأوسع مما أظهره.
[وبعد،] فإن التجلد على المصائب وكظم [الغيظ و] الحزن من المندوب إليه، وليس بواجب [ولا] لازم، وقد يعدل الأنبياء (عليهم السلام) عن كثير من المندوبات

(1) في " م ": من.
(2) كذا في " ش - خ -، ع "، وفي " م، ش ": علما.
(3) في " م ": فيأنس.
(4) في " ع ": ولهذا لم لا يكون أحدنا؟
(5) في " ع ": فيما.
(6) التعازي للشريف العلوي: ح 7، الجامع الصغير للسيوطي: 2 / 55 ح 4724.
(7) في " م ": ما يجنه.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»