تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٥٠
فإن قيل: فما معنى حكايته تعالى عنهما [قولهما]: * (ربنا ظلمنا أنفسنا) * (1) وقوله تعالى: * (فتكونا من الظالمين) * (2)؟
قلنا: معناه أنا نقصنا أنفسنا وبخسناها ما كنا نستحقه من الثواب بفعل ما أريد منا [من الطاعة] (3)، وحرمناها الفائدة الجليلة من النعم وذلك (4) الثواب، وإن لم يكن مستحقا قبل أن يفعل الطاعة التي يستحق بها (5)، فهو في حكم المستحق، فيجوز أن يوصف [بذلك] من فوت نفسه بأنه ظالم لها، كما يوصف [بذلك] من فوت نفسه المنافع المستحقة. وهذا [هو] معنى قوله تعالى: * (فتكونا من الظالمين) *.
فإن قيل: فإذا لم تقع من آدم (عليه السلام) على قولكم معصية، فلم أخرج من الجنة على سبيل العقوبة وسلب لباسه على هذا الوجه؟ ولولا أن الاخراج من الجنة وسلب اللباس على سبيل الجزاء على الذنب، لما قال الله تعالى:
* (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما) * (6) وقال تعالى في موضع آخر: * (فأخرجهما مما كانا فيه) * (7)؟
قلنا: نفس الاخراج من الجنة لا يكون عقابا، لأن سلب اللذات والمنافع ليس بعقوبة، وإنما العقوبة هي الضرر (8) والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والإهانة. وكذلك نزع اللباس وإبداء السوأة. فلو كانت هذه الأمور مما يجوز أن

(١) سورة الأعراف: ٢٣.
(٢) سورة الأعراف: ١٩.
(٣) في " ش ": طاعته.
(٤) في " ش، ع ": من التعظيم من ذلك.
(٥) في " ش ": يستحقها.
(٦) سورة الأعراف: ٢٠.
(٧) سورة البقرة: ٣٦.
(8) في " ع ": الضرب.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»