تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٤٧
لكنا نقول: إن أردت بوصفهم بأنهم عصاة أنهم فعلوا القبائح (1)، فلا يجوز ذلك. وإن أردت بأنهم [عصاة] تركوا ما لو فعلوه لاستحقوا الثواب وكان أولى، فهم كذلك.
فإن قيل: فأي معنى لقوله تعالى: * (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) * (2)؟
وأي معنى لقوله تعالى: * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) * (3) فكيف تقبل توبة من لم يذنب؟ أم كيف يتوب من لم يفعل القبيح؟
قلنا: أما التوبة [في اللغة: فالرجوع، ويستعمل في واحد منا، وفي القديم تعالي. والثاني: ان التوبة] عندنا وعلى أصولنا فغير موجبة لإسقاط العقاب، وإنما يسقط الله تعالى [حدة] العقاب عندها تفضلا، والذي توجبه التوبة وتؤثره هو استحقاق الثواب، فقبولها على هذا الوجه إنما هو ضمان الثواب عليها.
فمعنى قوله تعالى: * (تاب عليه) * أنه قبل توبته وضمن له ثوابها، ولا بد لمن ذهب إلى أن معصية آدم (عليه السلام) صغيرة من هذا الجواب، لأنه إذا قيل له: كيف تقبل توبته ويغفر له؟ ومعصيته [قد وقعت] (4) في الأصل مكفرة (5) لا يستحق عليها شيئا من العقاب، لم يكن له بد من الرجوع إلى ما ذكرناه، والتوبة قد تحسن أن تقع ممن لا يعهد من نفسه قبيحا على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والرجوع إليه، ويكون وجه حسنها في هذا الموضع استحقاق الثواب بها أو كونها لطفا، كما يحسن أن تقع ممن يقطع على أنه غير مستحق للعقاب، وأن التوبة لا تؤثر في

(١) في " ش ": القبيح.
(٢) سورة طه: ١٢٢.
(٣) سورة البقرة: ٣٧.
(4) في " ش " قد وقعتا.
(5) في " م، ش ": وقعت مكفرة.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»