تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٤٦
نفلا بأنه عاص ظاهرة، ولهذا تقول (1): " أمرت فلانا بكذا وكذا من الخير فعصاني وخالفني "، وإن لم يكن ما أمره به واجبا، وأما قوله تعالى: * (فغوى) * فمعناه أنه خاب، ولأنا نعلم أنه لو فعل ما ندب إليه من ترك التناول من الشجرة لاستحق (2) الثواب العظيم. فإذا خالف الأمر ولم يصر إلى ما ندب إليه، فقد خاب لا محالة، من حيث [إنه] لم يصر إلى الثواب الذي كان يستحق بالامتناع، ولا شبهة في أن لفظ * (غوى) * يحتمل الخيبة.
قال الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره (3) * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما [من الطويل] فإن قيل: كيف يجوز أن يكون ترك الندب معصية؟ أو ليس هذا يوجب أن يوصف الأنبياء (عليهم السلام) بأنهم عصاة في كل حال، وأنهم لا ينفكون من المعصية لأنهم لا [يكادون] ينفكون من ترك الندب؟
قلنا: وصف تارك الندب بأنه عاص توسع وتجوز، والمجاز لا يقاس عليه ولا يعدى به عن موضعه. ولو قيل: إنه حقيقة في فاعل القبيح وتارك الأولى والأفضل لم يجز إطلاقه أيضا في الأنبياء (عليهم السلام) إلا مع التقييد، لأن استعماله قد كثر في القبائح، فإطلاقه بغير تقييد موهم.

(1) في " م، ع ": يقولون.
(2) في " م، ش ": يستحق.
(3) في " ش ": فعله - خ -.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»