فعلى هذا الوجه لا يمتنع أن تكون الكناية من أول الكلام إلى آخره راجعة إلى آدم وحواء (عليهما السلام).
فإن قيل: فأي معنى على هذا الوجه لقوله: * (فتعالى الله عما يشركون) * (1)؟ وكيف يتعالى الله عن أن يطلب منه ولد بعد آخر؟
قلنا: لم ينزه الله تعالى نفسه عن هذا الاشراك، وإنما نزهها عن الاشراك به، وليس يمتنع أن ينقطع هذا الكلام عن حكم الأول، ويكون غير متعلق به، لأنه تعالى قال: * (أيشركون مالا يخلق شيئا وهم يخلقون) * (2) فنزه نفسه تعالى عن هذا الشرك دون ما تقدم.
وليس يمتنع انقطاع اللفظ في الحكم عما يتصل به في الصورة، وهذا كثير في القرآن و [في] كلام العرب (3)، لأن من عادة العرب أن يراعوا الألفاظ أكثر من مراعاة المعاني، فكأنه تعالى لما قال: * (جعلا له شركاء فيما آتاهما) *، وأراد الاشتراك في طلب (4) الولد، [جاء] بقوله تعالى: * (عما يشركون) * على مطابقة اللفظ الأول، وإن (5) كان الثاني راجعا إلى الله تعالى، لأنه يتعالى عن اتخاذ الولد وما أشبهه. ومثله [ما روي عن] قول النبي (صلى الله عليه وآله) وقد (6) سئل عن العقيقة فقال: " لا أحب العقوقة (7)، ومن شاء منكم أن يعق عن ولده فليفعل " (8). فطابق اللفظ