فالملحدون جعلوه طريقا إلى نفي الصانع، والمجبرة جعلته طريقا إلى أن القبيح منا لا يقبح من فعله تعالى (1)، وآخرون جعلوه طريقا إلى الشك والحيرة والدفع عن القطع على (2) حكمه القديم تعالى، وكذلك فعل الآلام بالأطفال والبهائم قد شك كثير من الناس، منهم: الثنوية، وأصحاب التناسخ، والبكرية، والمجبرة، ولم يكن دخول الشبهة بهذه الأمور على من قصر في النظر وانقاد إلى الشبهة مع وضوح الحق له لو أراد، موجبا على الله تعالى دفعها، حتى لا يكلف إلا المؤمنين، ولا يؤلم (3) إلا البالغين. ولهذا الباب [في الأصول] نظائر كثيرة ذكرها يطول، والإشارة إليها كافية.
وأما الفرق بينه وبين آبائه (عليهم السلام) فواضح، لأن خوف من يشار إليه بأنه القائم المهدي الذي يظهر بالسيف، ويقهر الأعداء، ويزيل الدول والممالك، لا يكون كخوف غيره ممن يجوز له مع الظهور التقية وملازمة منزله، وليس من تكليفه ولا مما سبق أنه يجري على يده الجهاد واستصال الظالمين.
[المصلحة بوجوده (عليه السلام):] مسألة: فإن قيل: إذا كان الخوف قد اقتضى ان المصلحة في استتاره وتباعده، فقد تغيرت الحال إذا في المصلحة بالإمامة واختلفت (4)، وصار ما توجبونه من كون المصلحة مستمرة بوجوده وأمره ونهيه مختلفا على ما ترون، وهذا خلاف مذهبكم.