ويمكننا ملاحظة أن بعض علل العالمين الأول والثاني لا تختلف في الشكل فقط، وإنما تختلف أيضا في المضمون، فلربما نجد بعض علل العالم الأول أضعف منها في العالم الثاني غير أن بعض علل العالم الأول أقوى منها في العالم الثاني وهكذا رغم أنها قد تتحد في جملة من العلل حيث المضمون كما هو في شؤون الحيز والحركة والسكون وما يشبهه غير أن علل العالم الثالث هي أقوى العلل، بحيث يمكن أن نجد معها انعدام الزمان والمكان، وانعدام قانون الكائن الحي والجماد، وما إلى ذلك ومن خلال جملة من الآيات القرآنية يمكننا أن نتفهم أن الإنسان، أي إنسان، يمكن له أن يطلع على ما في العالمين، بل والتصرف بمقاديرهما، وذلك من خلال تخطي عتبة معينة من عتبات المعرفة الروحية مع فرق بين الاثنين، ففي مسألة عالم الجن يبدو أن الأمر متاح دون ضرورة لتدخل اللطف الإلهي، وهذا ما يشير إليه تسخير
سليمان (عليه السلام) للجن، وكذا ما تشير إليه الآية الكريمة
﴿وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا﴾ (1)، أما بالنسبة
لعالم الملكوت، فإن الظاهر أن ثمة