المادية لا تنشأ خرقا أفقيا بحيث تحتاج إلى نفي علل العالم المادي، لتحل محلها عللا آخر، وإنما تتدخل طوليا عبر تعطيل دور العلل المادية، حتى إذا ما زال تأثير قوانين العالم الآخر رجع تأثير العلل المادية إلى سابق عهده وأوانه، ولعل هذه الأمر هو ما توضحه الآية الكريمة: ﴿وقبل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين﴾ (1) فبعد حصول الإعجاز وانتهاء أغراضه بواسطة العلل الغيبية، عادت علل العالم المادي إلى سابق عهد عملها.
ويظهر من خلال جملة من الآيات القرآنية أن العوالم (2) من وجهة نظر القرآن هي ثلاثة، وفي كل عالم من هذه العوالم نظام علية غيره الذي في العالم الآخر، وهذه العوالم هي:
أ - العالم المادي: وهذا العالم هو العالم الذي نحياه، ونظام العلية فيه هو ما نألفه.