المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٦٧
لها، فخطب صلى الله عليه وآله وسلم الناس، وحثهم على الصدقة، فجاء أنصاري بصرة، ثم تتابع الناس بعده، فقال صلى الله عليه وآله: " من سن سنة حسنة الخ ... " (1) فمعنى ذلك: هو أن مورد الرواية هو تعيين المورد والمصادق للنص الشرعي المتعلق بالعنوان العم، حسبا تقدمت الإشارة إليه، وليس موردها ما لا نص فيه أصلا.
هذا كله.. عدا عن أن ما نحن فيه من السنة التي معناها الإدخال في الشرع، بل هو من الأمور المباحة، كما تقدم. الذكريات عبادة لصاحب الذكرى واستدلوا أيضا على الموالد والذكريات للأولياء، بأنها نوع من العبادة لهم وتعظيمهم.
ونقول: إن ابن تيمية قد خلط بين العبادة والتعظيم وصار يكفر الناس استنادا إلى ذلك، ونحن نعرض الفرق بينهما ليتضح زيف هذا الكلام.. فنقول:
قال السيد الأمين رحمه الله تعالى:
" العبادة بمعناها اللغوي، الذي هو مطلق الذل والخضوع والانقياد، ليست شركا ولا كفرا قطعا، وإلا لزم كفر الناس جميعا من لدن آدم إلى يومنا هذا، لأن العبادة بمعنى الطاعة والخضوع لا يخلو منها أحد، فليزم كفر المملوك، والزوجة، والولد، والخادم، والأجير، والرعية، والجنود، بإطاعتهم وخضوعهم للمولى، والزوج، والأب، والمخدوم، والمستأجر، والملك، والأمراء، وجميع الخلق لإطاعتهم بعضهم بعضا. بل كفر الأنبياء، لإطاعتهم آباءهم، وخضوعهم لهم، وقد أوجب الله إطاعة أوامر الأبوين، وخفض جناح الذل لهما، وقال لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " (وأمر بتعزير النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره) وأمر بإطاعة الزوجة لزوجها... وأوجب طاعة العبيد لمواليهم، وسماهم عبيدا.

1 - راجع: صحيح مسلم / ج 3 / ص 87، والسنن الكبرى / ج 4 / ص 175 و 176 وسنن النسائي / ج 5 / ص 75 - 77 ومسند أحمد / ج 4 / ص 359 و 360 و 361، والزهد والرقائق ص 513 / 514، والمسند للحميدي / ج 2 ص 352 / 353، والمعتصر من المختصر / ج 2 / ص 251 / 252.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»