المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٧١
ونحن... وإن كنا نحتمل المعنى الذي ذكره المنذري، إلا أن ما جعله مؤيدا، لا يصلح للتأييد، إذ أن الظاهر هو: أن هذه الفقرة في صدر بيان كراهة جعل القبور في بيوتهم. وإن دفن النبي (ص) في بيت ابنته فاطمة (1) إنما كان لمصلحة خاصة اقتضت ذلك، فليس لهم أن يتخذوا ذلك مؤشرا على رجحان الدفن في البيوت " وذلك لأن للأنبياء خصوصية ليست لغيرهم، وهي أنهم يدفنون حيث يقبضون ". (2) فلا يصح ما ذكروه من أنه (ص) لم يدفن في الصحراء، لئلا يصلى عند قبره ، ويتخذ مسجدا فيتخذ قبره وثنا. (3) وذلك لما قدمناه من الرواية المقتضية للخصوصية. هذا بالإضافة إلى أن دفنه في بيته أدعى لأن يتخذ مسجدا، خصوصا وأنه متصل بالمسجد النبوي، ولو كان في الصحراء، لأمكن المنع عنه بصورة أسهل... وقد منع عمر من الصلاة عند شجرة بيعة الرضوان، فامتنع الناس، ولذلك نظائر أخرى. (4) وأما بالنسبة لفقرة: " لا تتخذوا قبري عيدا... ".. فيحتمل قويا: أن يكون المراد: أن اجتماعهم عند قبره (ص) ينبغي أن يكون مصحوبا بالخشوع والتأمل والاعتبار، حسبما يناسب حرمته واحترامه (ص)، فإن حرمته ميتا كحرمته حيا .. فلا يكون ذلك مصحوبا باللهو واللعب والغفلة والمزاح، وغير ذلك مما اعتادوه في أعيادهم... ولعل هذا هو مراد السبكي حينما قال:
" ويحتمل: لا تتخذوه كالعيد في الزينة والاجتماع وغير ذلك، بل لا يؤتى

1 - لقد نشرنا مقالا أثبتنا فيه أنه (ص) دفن في بيت فاطمة، لا في بيت عائشة فراجع كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام / ج 1.
2 - مقدمة شفاء السقام / ص 125 / 126 والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيين.
3 - راجع: مقدمة شفاء السقام، المسماة: تظهير الفؤاد من دنس الاعتقاد / ص 118، والصارم المنكي / ص 261 / 262، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيين / ص 151.
4 - راجع: الدر المنثور / ج 6 / ص 73، عن منصف ابن أبي شيبة، وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي / ص 144 و 145، والسيرة الحلبية / ج 3 / ص 25، وفتح الباري / ج 1 / ص 469، و ج 7 / ص 345، وإرشاد الساري / ج 6 / ص 350، وطبقات ابن سعد / ج 2، قسم 1 / ص 73، وشرح النهج للمعتزلي / ج 1 / ص 178، وراجع الغدير / ج 6 / ص 146 و 147 عن من تقدم وعن غيره، وكذا كتاب التبرك / ص 226 - 235 عن من تقدم وغيره.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»