المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٦٦
وكذا لو أمره باحترام الوالدين، فيمكن أن يجسد ذلك في ضمن المصادق، الذي هو الوقوف لهما حين قدومهما، وبإجلاسهما في صدر المجلس، وبالجلوس بين أيديها في حالة الخضوع والتأدب، وبعدم التقدم عليها في المشي وفي المجالس، وبتقبيل أيديهما، وبغير ذلك من أمور.
وكذا الحال.. لو صدر الأمر باحترام النبي، ومحبته، وتعظيمه، وإجلاله، وتوقيره، مع عدم التحديد المانع من الأغيار في نوع بخصوصه... فبإمكان المكلف أن يختار ما شاء من المصاديق التي تنطبق عليها تلك العناوين، ولا يكون ذلك بدعة، ولا إدخالا لما ليس من الدين في الدين.
فيمكن تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم، وتوقيره وتبجيله، بإقامة الذكريات له، ويمكن أن يكون بنشر كراماته وفضائله، وبالصلاة والتسليم عليه كلما ذكر، وبتأليف الكتب عن حياته الشريفة، وبإطلاق اسمه على الجامعات، والمعاهد، وغيرها، وبغير ذلك من مصاديق التعظيم والتبجيل، والالتزام بالوقت المخصوص لا حرج فيه صلاة المغرب والعشاء، كما يعترف به هؤلاء وينصحون به (1) إدخالا في الدين ما ليس منه..
وهكذا يقال بالنسبة لما ورد من الحث على البكاء على الإمام الحسين عليه السلام والتحزن لما أصابه الأبرار حيث يترك أمر اختيار الكيفية والوقت إلى المكلفين. السنة الحسنة.. والسنة السيئة:
بقي أن نشير إلى أن الاستدلال على مشروعية عمل المولد بأنه سنة حسنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها الخ... " (2) في غير محله أيضا... وذلك لأن مورد الرواية - حسبما يقولون - هو التصدق على أولئك الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحالة يرثى

1 - الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف، ص 67.
2 - نقل هذا الاستدلال في القول الفصل ص 43 / 44 عن: محمد بن علوي المالكي في مقدمته لطبقة مولد ابن الديبع ص 13 وفي رسالته: حول الاحتفال بالمولد النبوي ص 18 وفي مقدمته للمورد المروي ص 17.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»