المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٦٥
وليكن حينئذ... منصب وزير التجارة ووزير النفط، واستعمال الراديو والتلفزيون، والتلفون، وركوب السيارة والقطار، والطائرة، من البدع.
وليكن كذلك اعتبار الجلوس كل يوم على الشرفة لاحتساء كوب من الشاي، وكذا إطلاق ألقاب: جلالة الملك، ومعالي الوزير... إلى غير ذلك مما لا مجال لتعداده، من البدع المحرمة، حيث لم يرد بها نص بخصوصها، ولأنها من محدثات الأمور، كما يدعي هؤلاء.
هذا... وقد صرحوا هم أنفسهم بأن الأشياء ما عدا العبارات منها كلها على الإباحة حتى يرد ما يوجب رفع اليد عنها، ولا سيما ما كان من قبيل العادات (1) .... الذي هو محل كلامنا بالفعل، حيث قد جرت عادة الناس على فيهدون له فيه الهدايا... ويقيمون المجالس، وكذا يوم احتجامه...
ومن ذلك أيضا: اعتبارهم يوم الاستقلال يوما عظيما...
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه...
وثانيا: إن الحقيقة هي: أن ما نحن فيه داخل في قسم ما أمر الله سبحانه به، وأراده، فلا يكون بدعة، لا بالمعنى الأول، ولا بالمعنى الثاني.
وتوضيح ذلك: إن أوامر الشارع ونواهيه، تارة تتعلق بالشئ، بعنوانه الخاص به، والذي يميزه عن كل من عداه.. وتارة يتعلق لا بعنوانه بخصوصه، بل بعنوانه العام، ويترك أمر تحقيق المصاديق واختيارها وملاحظة انطباق ذلك العنوان وعدمه إليه..
فاختيار المكلف لهذا المصادق أو لذلك لا يعتبر بدعة، ولا أحدثا في الدين ما ليس منه.. بل هو عين الامتثال والانقياد لأحكامه، والانصياع لأوامره، ويستحق على ذلك الأجر الجميل، والثواب الجزيل.
وذلك، كما لو أمر الشارع بمعونة الفقراء، وترك أمر اختيار المورد والمصداق، والكيفية، والأسلوب إلى المكلف، فباستطاعته أن يعينهم بالعمل لهم، أو بقضاء حوائجهم، أو مساعدتهم ماليا.. إلى غير ذلك مما يصدق عليه أنه معونة.. وإن ينص الشارع على مصداق أو كيفية بالخصوص.

1 - راجع: اقتضاء الصراط المستقيم / ص 269 وراجع: إرشاد الفحول، الصفحات الأخيرة..
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»