المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٧٢
إلا للزيارة والسلام والدعاء ". (1) أما الرقص والغناء وغير ذلك من الحرمات، فهي من الأمور الممنوع عنها من الأساس فلا يبقى مجال للإشكال بها، حسبما ورد في كلام ابن الحاج وابن تيمية ...
وأما قوله (ص): وصلوا علي حيث ما كنتم، فهو بيان لأمر ثالث آخر، وهو: أن الصلاة على النبي (ص) لا يجب أن يراعى فيها الحضور عنده، بل هي تصله عن بعد، كما تصله عن قرب.
وأما احتمال: أن يكون المعنى لقوله: لا تتخذوا قبري عيدا.. لا تتخذوا له وقتا مخصوصا (2)، فهو بعيد عن مساق الكلام، وعن ظاهره، بل يكون أشبه بالأحاجي والألغاز، كما ذكره البعض. (3) وبعد كل ما تقدم، وبعد أن كان الظاهر من العبارة هو المعنى الذي أشرنا إليه ، مع احتمال أن يكون كلام المنذري أيضا مرادا.. فلا تبقى الرواية صالحة للاستدلال بها على المنع من الاجتماعات، وإقامة الموالد والذكريات والدعاء والزيارة في أوقات معينة، كما يريد ابن تيمية وأتباعه إثباته.. إذ يكفي لرد الاستدلال ورود الاحتمال العقلائي فيه، فكيف إذا كان هذا الاحتمال من القوة بحيث يصير صالحا لأن يدعى أنه هو الظاهر من الرواية دون سواه؟ ولو سلمنا:
أن احتمال إرادة المنع عن الموالد والذكريات والاجتماعات وارد في الرواية، فإنها لا أقل تصير مجملة لا ظهور فيها، فتسقط عن صلاحيتها للاستدلال بها... هاذ كله... بالإضافة إلى أن الرواية خاصة بالتجمع عند القبور، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى غيرها من المواضع، ولعل لقبر النبي (ص) خصوصية في المقام، وهي : أنه يمكن أن يؤدي بهم الأمر إلى نحو من العبادة له، فمنع الشارع من التجمع عنده احتياطا لذلك بخلاف قبر غيره (ص)، فإن احتمال ذلك أبعد..

1 - كشف الارتياب / ص 449 عن السمهودي في وفاء الوفاء، وشفاء السقام / ص 67، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيين / ص 122 /، والصارم المنكي م ص 297.
2 - المصادر المتقدمة.
3 - راجع: عون المعبود / ج 6 / ص 31 / 32، وراجع الصارم المنكي / ص 297.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»