- بفقهه وعقيدته وأخلاقه - يقترن باسم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم نص عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإمامة، وبايعه المسلمون قاطبة في غدير خم، في الحادثة المشهورة التي خلدها القرآن الكريم في قوله تعالى:
* (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك...) * (1).
ولم تكن مسألة الإمامة شيئا آخر منفصلا عن تعاليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جاء به، ولكن الأحداث التي أعقبت وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألقت الستار على هذه القضية ولم تكن الظروف آنئذ لتساعد على إظهارها، وكانت نظرة أمير المؤمنين (عليه السلام) تقتضي بالتزام الصمت برهة من الزمن ليتأكد للناس أنهم أخطأوا الطريق حيث عدلوا عنه إلى غيره، ولذا لم يكن صمت أبي الحسن (عليه السلام) إعراضا وانصرافا، بل كان صمت الحكيم البصير العالم بحقائق الأمور، وقد كان (عليه السلام) على يقين مما ستؤل إليه الأمور.
حتى إذا ألقي الزمام بيده سعى في أن يعيد الأمة إلى رشدها، وينبههم على فداحة الخطأ الذي ارتكبوه، والآثار السيئة التي نجمت عن ذلك، ولم يفته أن يبين لهم أن قيامه بالمهمة لم يكن طمعا في حطام، أو رغبة في سلطان، وإنما من أجل تحقيق إرادة الله والرسول، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل.
وقد كانت المهمة صعبة جدا، إلى حد اضطرته للدخول مع مناوئيه في صراعات دموية في حروب ثلاث طاحنة، أعاقته كثيرا عن أداء