يلوي علي شئ، ولا يقف في طريقه إلا بمقدار الضرورة ليوصل الكتاب في أسرع وقت ممكن، وقد أعلمه الإمام (عليه السلام) بالمكان والبيت لئلا يسأل أحدا من الناس.
وأغد الغلام المسير يواصل ليله ونهاره، حتى شارف المدينة، وجاء إلى بيت الإمام (عليه السلام) وسلم الكتاب إلى فاطمة المعصومة (عليها السلام) (1).
وما إن وقع بصرها على خط الإمام حتى تذكرت أخاها، وما كان له معها من شأن، وكأنه لم يمض عام واحد فحسب، وإنما عشرات الأعوام.
ثم إنها تهيأت للمسير.
وهذا الأمر هو ما نرجحه على القول بأن فاطمة المعصومة (عليها السلام) غادرت المدينة من تلقاء نفسها، فإن ذلك ينافي جلالة قدرها، وعظمة شأنها، وسمو نفسها، وإن كان الخطب جليلا، على أنها كانت في حمى ابن أخيها الجواد (عليه السلام)، فعلى فرض أن موضوع الكتاب لم يثبت من ناحية تاريخية إلا أنها وهي العالمة بأن ابن أخيها إمام معصوم مفترض الطاعة فلا بد من استئذانه.
على أن التهيؤ بموكب قوامه اثنان وعشرون شخصا من الأخوة وأبنائهم والغلمان (2) في مسيرها (عليها السلام) لم يكن ليتم إلا عن رضا وموافقة