وإذن.
ولذا فإنا وإن لم يثبت لنا الأمر من ناحية تاريخية - وما أكثر ما ضاع من الأحداث والوقائع وحل محلها الزيف والبهتان - إلا أننا بملاحظة حال السيدة فاطمة وشأنها ومكانتها في العلم والمعرفة لا نقبل بل لا نتوهم أنها خرجت من تلقاء نفسها لمجرد أنها رغبت في لقاء أخيها، فإذن ذلك يتنافى مع ما علمناه من مقامها.
وهي وإن كانت على موعد مع مدينة قم وأهلها الذين سيسعدون بها، وسينفتح لهم باب من أبواب الجنة، وستكون فاطمة المعصومة (عليها السلام) سيدة هذه البلدة الطيبة، وهو السر الخفي الذي يحدو بها للمسير - وسيوافيك الحديث في ذلك - إلا أن جلالة قدرها وعظمة شأنها تقتضيان أن يكون خروجها مرعيا بنظر المعصوم (عليه السلام).
هذا، وقد ذكرت المصادر أنها لما أزمعت الرحيل إلى لقاء أخيها في طوس، أعدت للسفر عدته، وتهيأ ركب قوامه اثنان وعشرون شخصا ضم بعض إخوتها، وبعض أبنائهم وغلمانهم، وساروا يقطعون البيد والقفار واتخذوا من الطريق المؤدي إلى قم مسارا لهم إلى طوس.
وفي الوقت نفسه تهيأ ركب آخر من بقية إخوتها ومن انضم إليهم، وخرجوا قاصدين إلى طوس حيث الإمام الرضا (عليه السلام)، فقد ذكروا أن الإمام الرضا (عليه السلام) قد استأذن المأمون في قدومهم، وكان قوام هذا الركب ثلاثة آلاف شخص، فقد التحق بهم عدد كبير من بني أعمامهم