فالصحابة وإن انحرف بعضهم وفسق في ممارساته العملية إلا أن صفة الإسلام لا تسلب منه ما دام يشهد الشهادتين.
والرأي المعتدل الذي ذكرناه آنفا، تسالم عليه بل أجمع عليه علماء وفقهاء ومتكلمو الشيعة، وهو الرأي الموافق للقرآن، والموافق للسنة - كما تقدم في حديث الحوض - وأحاديث أخرى، والموافق لسيرة الصحابة حيث كذب بعضهم بعضا، وقاتل بعضهم بعضا، ونسب بعضهم الفسق إلى البعض الآخر.
وعدالة جميع الصحابة لم تذكر على لسان أي صحابي، ولم يحتج بها أحد من الصحابة في خضم الأحداث والوقائع، ففي جواب عائشة لخالد ابن الواشمة حينما قال فيهم: (لا يجمعهم الله في الجنة أبدا). قالت:
(أو لا تدري أن رحمة الله واسعة وهو على كل شئ قدير) (1) فلم تحتج عليه بالعدالة، وإنما أرجأتهم إلى رحمة الله تعالى.
وهذا الرأي المعتدل لم يكن من مختصات الشيعة وحدهم، ولم ينفردوا به، بل تابعهم عليه جمع غفير من علماء وفقهاء العامة وصرحوا بأن الصحابة غير معصومين، ففيهم العدول وغير العدول، ومن القائلين بهذا: سعد الدين التفتازاني، والمارزي، وابن العماد الحنبلي، والشوكاني وآخرون (2).
ومن المتأخرين محمد عبده، ومحمد بن عقيل العلوي، ومحمد رشيد رضا، والمقبلي، وسيد قطب، ومحمد الغزالي، ومحمود أبو رية وآخرون.