تحكيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الواضح أن التحكيم مبني على قبول الحكم الذي يصدره، وكذلك عدم الحرج من الحكم، فإن المتحرج من قبول الحكم غير مؤمن، وهذا يعني لزوم قبوله وعدم التشكيك فيه، وأخيرا التسليم المؤكد لحكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والآية وإن وردت في مقام القضاء بين المنازعات، إلا أن الحكم عام بدليل عدم القول بالفرق في وجوب قبول أحكام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما كان منها في مقام القضاء، وغيرها؟
وبدليل وحدة التعليل والملاك في الحكم بوجوب قبول ما يصدر منه من أحكام، سواء كانت شخصية للفصل بين النزاعات أو دينية عامة، بل هذه أهم لكونها شريعة خالدة لجميع البشر.
ومنها قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) سورة الأحزاب (33) الآية 36.
وقد أضاف فيها: نفي الاختيار للمؤمنين أمام قضاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يقتضي الإلزام، كما هو واضح.
مع أنها هنا قرنت قضاء الرسول بقضاء الله الذي تحرم مخالفته، وعصيانه، وتجب طاعته.
وأضافت ذكر التهديد على العصيان، وهو يدل على أن الالتزام بما قضى الله ورسوله هو الطاعة الواجبة، بقرينة ترتيب الضلال المبين على العصيان.
ومثلها قوله تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) سورة النساء (4) الآية 61.
حيث جعل الصد عن الرسول من عمل المنافقين، والصد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو لأجل منع سماع كلامه واتباع أحكامه، ولازمه ثبوت صفة النفاق لمن يمتنع