ثم الكلام عن الحديث - مهما كان - لا يرتبط بالسنة على ما ذكرنا، حيث أن المعتبر في السنة أن تكون من طريق غير الآحاد، وهذا شرط أحرزنا تحققه في المروي عن أهل البيت عليهم السلام الذين أرشد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الأخذ منهم، لأن علم الدين موجود عندهم، وهم الأعلم بذلك، ولم توجد عند الصحابة إلا من طرق آحاد، لا يمكن أن تثبت بها السنة، عدا ما تم الاتفاق على قبوله من منقولات السنة عند المسلمين جميعا.
بل التتبع يرشد الطالب إلى أن السنة - بالمعنى الصحيح - المروية عند الصحابة، لا تخالف ما هو الموجود عند أهل البيت عليهم السلام، بل توافقهم، لأن في الصحابة من حافظ على السنة والتزم بالحق الذي أخذه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
لكن العامة، الذين أعرضوا عن " حديث الثقلين " وحاولوا جعل السنة بديلا عن العترة، لم يقفوا عليها إلا من خلال الأحاديث التي وصلتهم من طريق الآحاد من الرواة، فالتزموا بحجيتها مع عدم إفادتها العلم، وسموا ما روي بها " سنة " غير ملتزمين بكونها يقينية، بل قانعين بكونها ظنية، وهذا من أخطر نتائج الابتعاد عن أهل البيت عليهم السلام على أثر مخالفة حديث الثقلين.
والغريب أنا نجد العامة يعرضون عن مرويات الصحابة إذا كانت موافقة لأهل البيت عليهم السلام أو تشبه السنة الموجودة عند العترة، بل يحاولون - بشتى الأعذار - إبطال مرويات الصحابة وإنكارها بمجرد الموافقة لأهل البيت عليهم السلام، إلا ما شذ وندر؟
فلماذا لا يعد " الدكاترة " مثل هذا الإعراض عن مرويات الصحابة هذه، إنكارا لحجية السنة؟ مع قيام الاتفاق عليها من الصحابة والعترة؟
إن الدخول في إيراد الأمثلة على مفردات هذا الجواب يبعدنا عن النتيجة التي نتوخاها من هذا البحث، مع أنا قد تصدينا لها في ما كتبناه عن " فقه الوفاق "